تامسومانت انرز

مْلِيدْ إِثِنْزَارْ خْوَانْثْ ثْمِزَارْ

مسجد آيت مخشون – الجزء التاني-mosqueAitmakhchoune
مسجد آيت مخشون – الجزء التاني-

مسجد آيت مخشون – الجزء التاني

الثلاثاء, نوفمبر 25, 2014

لقراءة الجزء الأول من موضوع ” مسجد آيت مخشون – الجزء الأول “

الانطلاقة

وهكذا أعطيت انطلاقة الأشغال في مسجد آيت مخشون الجديد بتاريخ 29 يوليوز 2010، لتستمر متقطعة أو متواصلة، بحسب الظروف، وخاصة المناخية وتوفر الموارد الضرورية لذلك وخاصة المالية. وفي هذا الصدد، لابد من الاعتراف أن الفضل في هذه الانطلاقة يرجع، بعد الله سبحانه وتعالى، للمحسن سيدي محمد بن آمحمد أفتيس الذي وفر الأموال اللازمة لذلك بحيث مكنت مساهمته السخية من البدء في إنجاز هذا المشروع  الذي شرع فيه بتشييد قاعة مربعة للصلاة على مساحة مائة متر مربع، ثم بعد ذلك بحوالي عامين، وبالضبط في يونيو 2013 تم بناء إقامة الإمام بغرفتين ومرافق النظافة على حوالي خمسين مترا، ثم مكان الوضوء الملحق بالمسجد. وفي غشت 2014 تم البدء في بناء مئذنة لتمييز المسجد عن غيره من المنشئات القريبة منه.

مراحل التشييد بالصور

 

تلخص الصور المعبرة الآتية المراحل التي مر منها المسجد الجديد منذ انطلاقه وذلك كما يلي:

“تويزة” حفر الأسس

 

“تويزة” حفر الأسس لمسجد آيت مخشون “تويزة” حفر الأسس لمسجد آيت مخشون “تويزة” حفر الأسس لمسجد آيت مخشون

 

“تويزة” البناء

 

"تويزة" بناء مسجد آيت مخشون "تويزة" بناء مسجد آيت مخشون "تويزة" بناء مسجد آيت مخشون

 

“تويزة” السقف

 

"تويزة" سقف مسجد آيت مخشون "تويزة" سقف مسجد آيت مخشون "تويزة" سقف مسجد آيت مخشون "تويزة" سقف مسجد آيت مخشون

 

إقامة الإمام ومكان الوضوء

 

إقامة الإمام ومكان الوضوء - مسجد آيت مخشون إقامة الإمام ومكان الوضوء - مسجد آيت مخشون إقامة الإمام ومكان الوضوء - مسجد آيت مخشون

 

أسس المئذنة  والمقصورة

 

أسس المئذنة والمقصورة - مسجد آيت مخشون

 

بناء المئذنة والمقصورة
بناء المئذنة والمقصورة - مسجد آيت مخشون image60 image63
Mihrab 2
مطمورة الصرف الصحي
مطمورة الصرف الصحي - مسجد آيت مخشون مطمورة الصرف الصحي - مسجد آيت مخشون مطمورة الصرف الصحي - مسجد آيت مخشون

 الروح المهيمنة على المشروع

فكما سبقت الإشارة إلى ذلك، فهذا المشروع المهم، مشروع جماعي بامتياز نسبة إلى جماعة أيت مخشون. وهذا يعني قطعا أنه ليس مشروع فرد أومجموعة محدودة من الأفراد. والمقصود بالجماعة هنا، المفهوم التقليدي للجماعة وفق ما جرى به العرف والعادة تاريخيا، وليس بالمفهم الذي يطلق على الجماعات الحضرية والقروية. وكما هو معلوم، فهذه الأخيرة هي وحدات من الوحدات اللامركزية المنصوص عليها في دستور البلاد. وهي تعرف كذلك بالجماعات الترابية، وتدخل في حكم القانون العام، وتتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، وتسيرها مجالس منتخبة.

ويتجلى الطابع الجماعي للمشروع، في كونه مشروع كل المخشونيين. فقد تبنوه جميعا وانخرطوا فيه وساهموا فيه مساهمة مباشرة كلا بحسب استطاعته. فجلهم، إن لم نقل كلهم، قد ساهموا بأيديهم في حفر أسس مسجدهم، ونقلوا بسواعدهم وعلى دوابهم، مواد البناء من حصى، ورمال، وأسمنت، وطوب وسواري ما يعرف بالوردي، وغير ذلك. وقد ساهم بعضهم، إضافة إلى العمل بيده، ماديا، نقدا، أو عينيا أو بهما معا. وباختصار، فالكل قد تفاعل مع هذا المشروع بنفس الروح التي يتفاعل بها مع مشاريعه الخاصة.

وهذه الروح، وهذه الخصائص هي التي كانت دائما القاسم المشترك بين أفراد هذه الجماعة جيلا بعد جيل. وهي التي تشكل قوتها ورأسمالها والسر الذي مكن، بفضل الله وحسن عونه، من تحقيق إنجازات مهمة على مستوى المنطقة بوسائل ذاتية وأدوات بسيطة.

ومن أهم تلك الإنجازات، شق الممرات والسواقي على الرغم من صعوبة التضاريس لسقي الأراضي على ظفتي الواد الذي يخترق المدشر. وبناء الفضاء المجاور لضريح سيدي لحسن، والقنطرة المعلقة. وهيمنة هذه الروح وانتشار هذه الخصائص هي التي تسهل تسيير وتدبيرمثل هذه المشاريع. فالأمر لا يحتاج في الغالب إلا إلى وجود ما يعبر عنه عادة بـــ” المقدم” ليتولى مهمة حفظ الأمانات، أي المساهمات، وصرفها وفق ما تقتضيه الحاجة والضروريات التي لا تتوفر محليا كمواد الحديد، والأسمنت، والخشب مثلا. أما المواد التي يمكن تدبيرها في عين المكان فتجلب طوعا وتطوعا إما بصفة جماعية عن طريق “تويزا” أو فرديا. كما تساهم الكفاءات بسخاء (البناءون، والنجارون، والرصاصون، والكهربائيون، على الخصوص) في هذه العمليات في غالب الأحيان بدون أجر، وبذلك، لايتم اللجوء إلى غيرها إلا فيما يخص التخصصات الغير المتوفرة محليا.

رهان ضمان عمارة مسجد آيت مخشون

إذا كان بناء المسجد وتوفير المرافق الضرورية له، وهذه من العمارة الحسية المادية،  يعد حدثا هاما ويستوجب جهدا استثنائيا من قبل الجماعة، فإن الحفاظ على عمارته المعنوية بأداء الصلوات فيه، وتلاوة القرآن والحفاظ على ذكر الله وما إلى ذلك، كله ، لا يقل أهمية، بل هو الأهم والغاية من بناء المساجد. وهذا من بين المعاني التي يمكن أن تفهم من قول الله عز وجل في كتابه العزيز: ” فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوّ وَالاَصَالِ * رِجَالٌ لاّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَإِقَامِ الصّلاَةِ وَإِيتَآءِ الزّكَـاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أَحْسَـنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُمْ مّن فَضْلِهِ وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَـــــآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ” .( سورة النور: 36 ).  فهذا دليل تعظيم شعائر الله، ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب.

ومن أهم الدعامات الكفيلة بتحقيق ذلك، بعد بطبيعة الحال حرص الناس على أداء الصلاة وخاصة صلاة الجماعة في المسجد، وتلاوة كتاب الله ومدارسته…، ومؤسسة الوقف إن وجد، عملية ما يعرف تقليديا بـــ”الشرط”. وسوف تسلط السطور الموالية الضوء على هذه العملية.

تعريف الشرط:

الشرط لغة، ما يوضع ليُلتزم به في البيع أو نحوه. وفقها، ما لا يتم الشيءُ إلا به، ولا يكون داخلاً في حقيقته. وعند النحاة، ترتيب أمر على آخر بأداة من أدوات الشرط المعروفة. وفي الاصطلاح العرفي المحلي، على الأقل في الأصل، هي العقدة التي تنظم العلاقة بين الجماعة وإمام مسجدها. وهو يتضمن واجبات وحقوق الطرفين المتعاقدين (أي الإمام والجماعة).

إلا أنه بحسب ما جرت به العادة، على الأقل في أيت مخشون والمناطق المجاورة، فإنه حينما يطلق إسم الشرط، ينصرف في أذهان الناس إلى القدر الواجب أداؤه على كل مكلف مساهمة منه في تحمل أتعاب الإمام مقابل توليه الإمامة في مسجد الجماعة. وبحسب العادة كذلك، فهذا التعاقد المعروف بالشرط، ليس كتابيا وإنما شفهيا. ولكن، هذا لا يعني أن هناك اليوم ما يحول دون كتابته، وحتى توثيقه بصفة رسمية، بعدما تراجع مستوى الأمية وازدادت نسبة المتعلمين.

مكونات الشرط:

في الماضي، ونظرا للمكانة المحدودة للتعامل بالعملات المتداولة (أي النقودالجاري بها العمل)، كان الشرط يتكون أساسا من منتوجات فلاحية (قدرا من القمح والشعير على الخصوص) وحيوانية (أضحية العيد)، أي من جنس ما تنتجه الجماعة المتعاقدة مع الفقيه، إضافة إلى مسكن بالمجان. وقد استمر هذا الوضع إلى حوالي الثمانينيات من القرن العشرين الميلادي حيث ازدادت أهمية النقود في المعاملات بين الناس على حساب المنتجات السالفة الذكر، نظرا على الخصوص لما توفره من سهولة وليونة في الأداء والاستخلاص ونظرا كذلك لزيادة الصعوبة في توفير تلك المنتجات لأسباب طبيعية (الجفاف على الخصوص) وبشرية (ارتفاع تكلفة الإنتاج لأسباب منها قلة اليد العاملة بفعل الهجرة وتغيير نمط الحياة مع ازدياد أنماط الحياة العصرية).

المكلفون بالشرط:

شكل دائما تقسيم الشرط محل جدال بين أفراد جماعة أيت مخشون على غرار ما يجري في عدد من نظيراتها من الجماعات الأخرى القريبة والبعيدة منها. وقد جربت عدة صيغ وطرق منها:

تقسيم الشرط على عدد ذكور الجماعة بغض النظر عن السن والمسؤوليات الأسرية أي ما يعرف بـالتقسيم على ” الأذن”. فبمجرد ازدياد ذكر في أسرة يحتسب ضمن المكلفين بأداء واجب الشرط.

تقسيم الشرط على البالغين من الذكور، أي ما كان يعرف بــ ” على حد الصائم”. فكل من صام يعتبر ملزما بأداء واجب الشرط.

تقسيم الشرط على عدد الأسر أو ما يعرف بـ ” الخيمة أو الكانون”. فكل من تزوج يعد ” كانونا” أو “خيمة” وبالتالي يلزم بأداء واجب الشرط.

ضوابط الالتزام بالشرط:

كان الإلزام معنويا، أي من تلقاء الأشخاص أنفسهم، أكثر من كونه مفروضا بقوة ما لأن الكل يستحضر أهمية العمل الجماعي، سيما في المجال الديني الذي كان يقدر أحسن تقدير. ومع ذلك، فالجماعة لها قوتها التي تمكنها من فرض ما تم الاتفاق عليه بطرق منها ما يعرف بــ ” لَنْصَافْ ” ورفع اليد عن الشخص أي مقاطعته. كما يمكنها رفع أمره إلى السلطة التي تستجيب لما اتفقت عليه الجماعة وتلزم المعني بلأمر بأداء ما ترتب عليه.

التطورات والتحولات التي طرأت على ماجرت به العادة محليا فيما يخص الشرط:

منذ حوالي عشرين سنة، بدأت الأمور تتدهور فيما يخص الانضباط في أداء واجب الشرط لدرجة يبقى معه المسجد لسنوات بدون إمام، كما هو الحال في السنوات الأخيرة. وتبعا لذلك، فقد تم اختبار بعض الصيغ الأخرى، كالتطوع، أي عوض إلزامية المشاركة في التعاقد مع الفقيه، ترك الأمر للاختيار فمن شاء شارك ومن أبى لم يلزم بشئ. كما جربت فكرة ” الأنصبة أو الأسهم”. فلكل واحد أن يختار عدد الأسهم، أي عدد الأنصبة التي يريد أن يلتزم بتسديدها. فكانت الالتزامات تتفاوت بين أفراد الجماعة الذين يريدون التعاقد مع الفقيه، بعدما كانت في الماضي متساوية الكل ملتزم بأداء واجبه وفق مقدار معين محدد لا فرق بين الواحد والآخر.

وآخرما جرى به العمل الاتفاق الذي تم تأكيده بتاريخ 6 نونبر 2008 بمناسبة مناقشة ضرورة التعاقد مع إمام لمسجد الدوار بعد سنوات من شغور هذا المكان للاختلاف عن كيفية تحمل الأجرة الواجبة لذلك وكيفية توزيعها. ويقضي ذالك الاتفاق على أن تتم المساهمات بصفة طوعية وتطوعية كل بحسب القدر الذي أراد الالتزام به، على أن يتم دفع الملتزم به دون تأخير ولا مماطلة وباستمرار.

وتبعا لذلك، فالمساهمات تتراوح حاليا بين لا شيء لمن اختار عدم المشاركة، وألف درهم سنويا مرورا بـ 240 و300 و600 درهما.

وبالفعل، جرى العمل بهذا الاتفـــــاق، وتم التعاقد على أساسه مع عدد من الفقهاء ( الطلبة).

طريقة استخلاص الشرط

عادة يتم اختيار شخص ليتولى مهمة جمع شرط الفقيه وتدبيره وهو ما يعرف بـ ” المقدم نثمزييدا” أي القيم على شؤون المسجد. وعمل المقدم هذا، عمل تطوعي لا يتقاضى عنه أي أجر دنيوي ولايبتغي من وراء ذلك إلاوجه الله ومرضاته.

إكراهات إيجاد الأئمة

لا يكفي ضمان تمويل إمام راتب للمسجد عن طريق ” الشرط”، ولكن لابد من ضمان كذلك تواجد هذا الإمام في كل وقت وحين. وهذا ما لم يعد يسيرا مثلما كان عليه الأمر أيام كان لأيت مخشون مسجدين كما سبقت الإشارة إلى ذلك، بل اصبح مشكلا عويصا يؤرق كل من له غيرة على عمارة بيت الله، وإحساس بعظم مسؤولية وجودها بدون إمام. ومرد صعوبة الحصول على الإمام المذكور تعود إلى قلة الأئمة، وعلى الخصوص، من يقبلون ظروف الإمامة في مسجد يبعد عن أقرب نقطة للتزود بالمواد الغذائية الضرورية، وعن أقرب مدرسة ابتدائية، بحوالي 7 كيلومترات، كما هو الحال لمسجد أيت مخشون.

فالأئمة المتزوجون عادة ما لا يقبلون على مثل هذه المسؤلية نظرا لارتباطات عائلية ناتجة على الخصوص عن تمدرس أبنائهم. أما الأئمة العزاب أو المتزوجون الذين يقبلون بالعمل بعيدا عن أسرهم فيحتاجون لمن يكفل لهم الإطعام، عن طريق ما يعرف بــ”الرتبة”، أي تناوب الأسر في استضافة الإمام وتوفير الطعام له ، أو على الأقل، لمن يوفر لهم الخبز. وهذه المهمة صعبة التحقق نظرا لتقلص عدد السكان المستقرين في عين المكان على طول السنة، وكذا لصعوبة التضاريس وتفرق المساكن وكذا لارتباطات متعددة وعلى رأسها تغيب بعض ربات البيوت وأربابها لظروف صحية. وبالتالي فهذا الاختيار جد محدود ولايمكن اللجوء إليه إلا خلال شهري يوليوز وغشت، حيث تتعزز صفوف المقيمين الدائمين، بالعائدين إلى الدوار لقضاء عطلهم الوية.

 حساب موارد ونفقات التشييد.

 

 

من الطبائع البشرية، الفضول والتطلع، والتشوف، وأحيانا الإشرئباب لمحاولة كشف المستور والاطلاع على المخفي ولو كان ذلك من أسرار الناس. ويزداد الاهتمام بهذا الجانب كلما كان للمتطلع، أوللمتشوف، أوالمشرئب، صلة وارتباط بما يتطلع، أو يتشوف، أو يشرئب إليه. وفي هذا الصدد، من المستبعد أن لا يوجد من له الرغبة في معرفة الشاذة والفادة عن المسجد الذي نحن بصدد الحديث عنه، سواء كان من المتصدقين على اختلاف أنواع صدقاتهم، أو من غيرهم، وألا يساوره نوع من الفضول أو على الأقل شيء من التمني والرغبة في معرفة أجوبة عن تساؤلات قد تخالج صدورهم وعقولهم من قبيل: كم يا ترى بلغ  مجموع الصدقات المتصق بها في سبيل هذا المسجد؟ أوكم بلغت تكاليف إنجازه؟ أو، ما مصيرالمبالغ المتصدق بها؟ وهل أنفقت كلها أم بقي منها شيء ؟ أو، وهل كان هناك تجاوب مع هذا العمل أم لا؟ أو، وما هو تصنيف المتصدقين؟ هل هم فقط من المخشونيات والمخشونيين، أم معهم غيرهم ؟… 

ولرفع كل لبس، وطرد كل هاجس، وإزالة كل حيرة مفترضة أو محتملة، و تنويرا للعقول، وإعمالا لمبدأ الشفافية فيما يخص التدبير المالي للمشروعات المشتركة ، ولم لا إشباعا كذلك لفضول من قد يكون قد ابتلي ب” الفضول” ، وخاصة ممن قد يتربصون، عن قصد وسوء النية، بدوي النيات الحسنة في محاولة منهم لثنيهم عن مقاصدهم وتثبيط عزائمهم، فإنه من الأفضل تقديم الحسابات عن تلك المشاريع حتى تنجلي الرؤية وينكشف الأفق فترضى النفوس بما تم وتطمئن القلوب على مصير ما تصدقت أو تطوعت أو ساهمت به. وبذلك تزداد الرغبة أكثر في فعل الخير، وبالتالي الانخراط بقوة في تلك المشاريع  وفي غيرها. ومن ثم، قد تصير تلك المنجزات مثالا يحتدى ومنهجا يقتدى فتصير إن شاء الله صدقة جارية وسنة حسنة يكون أجرها وأجر من عمل بها في موازين حسنات من أنجزها أو ساهم في إنجازها مصداقا لقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم:  من سنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيءٌ، ومن سنَّ في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيءٌ “.صحيح مسلم  مسلم في صحيحه. 2/ 704 رقم 1017.

إضافة لما سبق، فإن تقديم الحساب هو السبيل الأنجع والأقصروالأكثر أمانا لإبراء ذمم المكلفين أو المتكلفين بالتدبير المالي للمشاريع المشتركة السالفة الذكر.

وإذا كان تقديم الحساب في حد ذاته قد لا يختلف فيه إثنان، فإن الخلاف أو الاختلاف قد يحدث في الكيفية والوسيلة. ففيما يخص الكيفية، فقد يعد تقديكم ملخص عن الحسابات كاف وموف بالغرض ما دامت التقة متوفرة. بينما قد لا يشفي الغليل إلا  النفاذ إلى الجوهر وتقديم التفاصيل. أما فيما يخص الوسيلة، فقد يقال بأن المنطق يقتضي ألا يقدم الحساب إلا لمن يهمه الأمر، أي لمن قدم أو قدموا الأموال المدبرة، وأي يكون بأية وسيلة مقبولة من الطرفين سواء كانت تقليدية أو حديثة معتمدة على تكنولوجيات المعلومات. وذلك على اعتبار أن  الغير، لا يهمه ذلك الحساب سواء كان صحيحا أو معتلا.  وقد يكون هناك من يرى أن تقديم الحسابات من الأمور التي تهم كافة الناس ، أي ما أصبح يصطلح عليه اليوم ب”الرأي العام”. وبالتالي، فالمطلوب أن يخضع لمنطق الشفافية ولميزان المصداقية والنزاهة. وما دام الأمر كذلك، أي ينظر إليه ‘لى أنه قضية رأي عام، فلا بد أن ينشر ويعرف على أوسع نطاق. ولا يتأتي ذلك إلا باستعمال وسائل التواصل الحديثة وفي مقدمتها  وعلى رأسها و”سائل التواصل الاجتماعي”.

وقد يقال، إن تقديم الحسابات في المجالات الخيرية علنا وإشهارها مدعاة للرياء والمباهاة وغير ذلك مما قد يفسد النية ويمحق الأجر المرتجى من العمل المقدم عنه الحساب. والحقيقة أن إخفاء الصدقات وأعمال البر أفضل من إبدائها وإشهارها وخاصة التطوعية منها. ولكن، وكما يرى عدد من الفقهاء، أنه إذا كانت هناك مصلحة راجحة ومقصد نبيل من الجهر والإبداء،  كالحث على فعل الخير والآنفاق في سبيل الله ومن أجل منفعة عامة، وأن يقصد بذلك العمل أو الفعل حث الغير وتشجيعه على الاقتداء به أو فتح باب التنافس في الخيرات، فلا بأس في ذلك.  فالمدار إذا على النية. وهذه الأخيرة حدد رسول الله صلى الله عليه وسلم كنهها ومعالمها في الحديث المشهور الذي رواه عنه سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه  حيث قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسام  ” إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه”

وعليه فنيتي من نشر حساب الموارد والنفقات إبراء ذمتي وقطع الطريق التي قد تسلك للوصول مفسدة الغيبة وسدها نهائيا حتى تخرس الألسن التي تكون قد تعودت الكلام في الناس واغتيابهم عملا بالقاعدة الفقهية المعروفة ” سد الذرائع”. أما المتصدقون فلم أستشرهم في هذا الأمر، وبذلك فهم، إن شاء الله تعالى، باقون على نيتهم الأولى.

وقبل الشروع في إعطاء الحساب المذكور، لابد من الإشارة إلى أنه:

  1.  على الرغم من أن الفضل كله لله من قبل ومن بعد، فإنه لا يجب أن ننسى فضل محسنين كانتا صدقتيهما ومن معهما ” القبس” الذي أنار طريق مشروع المسجد الذي نحن بصدد الحديث عنه. وذلك تطبيقا لما أمرنا به الله عز وجل في كتابه العزيز حيث قال: ” ولا تنسوا الفضل بينكم” ( البقرة /237). فبحسب تفسير الطبري رحمه الله، فإن هذه الآية تحث على ضرورة  إنساب الفضل لأهله. فلولاهما لا زال المشروع ربما في عداد الأماني. إنهما السيدين محمد بن محمد انرز رحمه الله واكرم مثواه وغفر لنا وله والحاج محمد بن امحمد أفتيس، بارك الله في عمره وختم لنا بما ختم به لعباده الصالحين. فكما هو معلوم، وكما تمت الإشارة إلى ذلك  من قبل، فقد تصدق الأول ومن معه بالقطعة الأرضية التي شيد عليها المسجد والمرافق التابعة له. أما الثاني، فقد تصدق ومن معه بما مجموعه 110365 درهم (66700 درهم في المرحلة الأولى و43665 درهم في المرحلة الثانية).وتخصيص هذين الشخصين بالذكر هنا دون غيرهما، لا يجب أن يفهم على أنه تحيز أو تقليل من قيمة الصدقات الأخرى كيفما كانت مقاديرها وأنواعها. فكل درهم له مكانته داخل هذا الصرح. ولكن مرد ذلك، إضافة بطبيعة الحال إلى أهمية ما تصدقا به في الدفع بعجلة المشروع إلى الأمام، ولكن أيضا وعلى الخصوص بإيمانهما به والانخراط فيه مبكرا وبدون تردد.
  2.   
  3. احتراما لمبدأ احترام “الاختصصات فإنه سيقتصر على المرحلة التي تولى فيها عبد ربه لحسن بن محمد انرز مهمة تلقي  الصدقات  والاشراف على إنفاقها في سبيل استكمال ما بدأه الأخوان الكريمان السيد لحسن بن محمد بوتالوزت والسيد الحسين بن حمو أو الشيخ الذين كان لهما  شرف السبق إلى ذلك.
  4.  
  5.  لا يكفي تلقي الصدقات وضبطها واحتسابها وتأمينها ووالحرص قدرالمستطاع على صرفها بشكل عقلاني وفي الأوجه والجوانب الضرورية للمشروع المرصودة لها، وإنما لابد من تحمل مسؤولية السعي لتوفير المستلزمات والضروريات التي لا تقوم العمليات والأشغال بدونها والعمل على تدبير كل ذلك بفعالية وبقدر مهم من النجاح. وهنا أيضا، يجب أن ننسب الفضل لأهله وألا نبخس الناس مجهوداتهم. فإذا كان لي من مساهمة في العمل الذي أنجز لحد الان،فذلك بفضل الله عز وجل، ثم بفضل شبان دفعتهم  غيرتهم على دينهم وبلدتهم إلى العمل بنكران الذاة وتحمل جل عبء الاتصلات والترتيبات الضرورية للعمل مع مقدمي الخدمات: من بنائين، ونقالين، وكذلك مع المزودين بالمواد والمستلزمات الضرورية للعمل، وكل ذلك، أحيانا،  على حساب راحتهم الجسدية، والتزاماتهم الأسرية والعملية. والمقصود هنا على الخصوص وفي المقام الأول كلا من السيدين رشيد ومصطفى بن علي أفتيس، ثم السيد عبد الله بن لحسن انرز، ثم السيد لحسين بن حمو أوالشيخ.  فلكل الأشخاص المذكورين أعلاه، ثم لكل المحسنات والمحسنين ولكل من ساعد في إنجاز ما تم إنجازه لحد الآن ذلك جزيل الشكر وعظيم الامتنان. والله نسأل أن يثيب الجميع بالثواب الجزيل الذي وعد به على لسان نبيه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال في عدة أحاديث منها:” من بنى مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة” . و”من بنى مسجدا لله بنى الله له مثله في الجنة”.  و” من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله في الجنة. وبهذا الخصوص، وعلى سبيل التذكير، فمن الأعمال التي لا تنقطع بعد موت أصحابها ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديثين التاليين: ” إذا مات ابن آدم ( وفي صيغة إذا مات الإنسان) انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له”. ” إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره، وولدا صالحا تركه، ومصحفا ورثه، أو مسجدا بناه، أو بيتا لابن السبيل بناه، أو نهرا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه من بعد موته”.وقد شأءت إرادة الله سبحانه وتعالى أن أتسلم المشعل في يوليوز 2013 لاستكمال المشروع السالف الذكر. ولا زلت مطوق العنق بهذه المسؤولية النبيلة والشاقة في نفس الوقت لحد الآن. وقد حاولت أن أعطي الحساب على ما تم إنجازه في صيف 2014 ميلادي، ولكن لم ييسر الله ذلك. كما كنت على وشك تضمينها في هذا الملف الذي رفعت جزؤه الأول في 10 نوفمبر 2014 وجزؤه الثاني في 25 من نفس الشهر، إلا أنني تراجعت عن ذلك مفضلا التريث.واليوم، وبعدما تبين أن انتظار ذلك قد يطول، وأن الأجل المحتوم قد يحول دون ذلك، فقد فضلت أن أضع هذا الحمل عن كثفي وأن أجعل مضمونه رهن إشارة كل معني به، وأن أضم ما فيه من معلومات إلى ما سبق ان نشرته على صفحات هذا الملف ضمن محتويات موقع www.tamsomant.com كمساهمة  في حفظ الذاكرة المحلية، التي بحفظها تتم المساهمة في حفظ الذاكرة الوطنية لمغربنا العزيز.
  6. والجداول المتضمنة للحساب المذكور على الرابط التالي:  جداول الحساب الخاص بمسجد أيت مخشون
  7.  

 

الخاتمة

 

يتبين مما سبق أنه بالتعاون والتآزر يمكن تحقيق أشياء كثيرة. فما يعجز عنه الفرد لا يعجز الجماعة. ولولا ما في ذلك من خير ومنفعة، لما وجهنا الله إليه وحثنا عليه. فقد قال عز من قائل: ” وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان” ( المائدة/2). فبفضل الله ثم بفضل محسني الماضي والحاضر،  أمكن بناء المسجد الذي خصصنا له هذا الملف. فاللهم أجز خير الجزاء كل المحسنين وارحم من مات منهم واغفر لهم وبارك في عمر من لا يزال على قيد الحياة واختم له بالخاتمة الحسنى.

اللهم أثب كذلك فقهاءنا الذين تعاقبوا على الإمامة في هذا المسجد وأكرم الذين علموا القراءة والكتابة لعدد من أبناء بلدتنا في الماضب وارحمهم و وعافهم واعف عنهم. ومن أولئك الفقهاء السادة المرحومين الطالب عبد الله الفيلالي، والطالب محمد بن علي الباز المخشوني، والطالب إدريس، والطالب حسن، والطالب عبد النبي، والطالب علي، والطالب عبد السلام الزروالي أو الوريغلي، والطالب أحمد العزوزي.

وقد انسجم هذان الأخيران انسجاما تاما مع أهل البلد لدرجة أنهما كانا يشعران بأنهما منهم. كما كان أيت مخشون يبادلونهما نفس الشعور.

وختاما، لايسعني إلا أن أتقدم بالشكر الجزيل إلى كل من ساهم وأعان من قريب أو بعيد على إنجاز هذا الملف. وأخص بالذكر الأخ الفاضل السيد الحسين بن حمو أوشيخ الذي  تفضل بتزويدي بالصورالرائعة المؤرخة لعملية تويزة الخاصة بسقف المسجد.

يمكنكم ايضا زيارة البوم صور مسجد آيت مخشون

لحسن بن محمد انــــرز

معالم آيت مخشون

كما هو الحال بالنسبة لمختلف مناطق المغرب، تتوفر منطقة أيت مخشون عل عدة مآثر ومعالم منها ما ليس للبشر فيه سبب نوردها تحت عنوان “معالم غير بشرية”، ومنها ما أنتجته يد الإنسان نتعرض لها تحت عنوان “معالم بشرية”. سوف نحاول هنا، إنشاء الله، إعطاء الزائر الكريم نبذ عن المعالم الطبيعية التي تتواجد في منطقة أيت مخشون. وسوف تكون البداية  بــالكهوف انطلاقا بـــ"إِفْرِ نْثْفْرَان" مرورا ب"إِفلفْرِ وُّچُّوجْ"، ... ثم بباقي المعالم قدر المستطاع. لحسن بن محمد انـــرز

ابحث في الموقع

النشرة البريدية