تامسومانت انرز

مْلِيدْ إِثِنْزَارْ خْوَانْثْ ثْمِزَارْ

الألعاب-

الألعاب

الإثنين, يونيو 22, 2015

ثمسومنث لتوثيق وسائل التسلية والترويح المتداولة مخشونيا

يزخر مدشرآيت مخشون كغيره من المداشر المماثلة في مختلف المناطق المغربية  بموروث ثقافي غني ومتنوع. ففي مجال الألعاب و التسلية والترويح عن النفس، نجد، بالإضافة إلى الوسائل المشهورة محليا ووطنيا، وعلى رأسها “أَحِدُوسْ” و”بوجلود”، أصنافا أخرى من الألعاب و الأنشطة منها ما يلي:

1- سرد الحكايات والقصص والأحاجي الألغاز.

أبطالها إما حيوانات، مثل مغامرات ” أُوشَنْ دْيِينْسِي” (الذئب والقنفذ)، و” أُوشَنْ تَجْضِيتْ أُسْفَالُوا” (الذئب وعصفورة الـــــــجرف)، و” أُوشَنْ تَجْضِيتْ بُتْعَنْقُوتْ” (الذئب وعصفورة صاحبة العنقودة)، …على غرار ما يوجد في كتاب “كليلة ودمنة”، لابن المقفع، أو مخلوقات خرافية مثل ” ثَرْجُو” و”إِزِيدْنْ ” في مغامرات ألهبت مشاعرالصغار والكبار على السواء.

2- لعبة “لِيشَارْثْ”.

وهي عبارة عن المبارزة في اختبار دقة التصويب وإصابة الهدف بالحجارة المرمية إما بالأيادي أو بالمقالع. وهذه اللعبة قد يلعبها شخص واحد فتكون بمثابة تدريب له. وقد يلعبها شخصان أو أكثر فتصبح حينئد منافسة ومبارزة لها بعض القواعد البسيطة الضرورية للنظام وحسن المبارزة.

3- لعبة “لاَوْشْ”.

وتعد من الألعاب الجماعية و تتلخص في تحديد خانة (حفرة) يتحلق حولها مجموعة من الأفراد ويكون في وسطها شخص محكوم عليه بالبقاء فيها إلى أن يتمكن من لمس أحد من المحلقين برجله ليتناوب معه ويحل محله. أما المحلقون فما عليهم إلا مناوشة من في الخانة بأيديهم مع أخذ الحيطة والحذر من أن يلمسهم بإحدى رجليه، مخافة أن يلحقهم ما لحقه.

4- لعبة ” إِمْزَلْقْفَنْ”.

 وهي باختصار، لعبة يلعبها البنات والأولاد طبقا للقواعد المنظمة لها. وأدواتها بسيطة جدا وهي عبارة عن خمس حصوات متوسطة الحجم. وهي معروفة ومشهورة ليس فقط على المستوى المغربي، ولكن أيضا على صعيد عدة دول إن لم يكن لها امتداد عالمي. وتعرف بالفرنسية باسم Le jeux des 5 pierres. كما تعرف عربيا بعدة أسماء كــ “لقيوش والزقطة واللقطة “. ولم أجد وصفا دقيقا ينطبق على هذه اللعبة أفضل مما جاء في موقع وكيبديا http://ar.wikipedia.org/wiki/. وهو كما يلي:

” يفترش مجموعة من الأطفال الأرض وبين أيديهم خمس حصوات حيث يقوم من عليه الدور بقذف الحصوات على الأرض ويختار منها واحدة في اليد ثم يقوم بقذفها في الهواء والتقاط الحصوات واحدة تلو الأخرى، وتسمى هذه الحركة وحد، ثم تتم إعادة نفس الحركة والتقاط كل حصاتين معا، وتسمى هذه الحركة تن، ثم تعاد الحركة مرة أخرى وتلتقط ثلاث حصوات معا وواحدة لوحدها، وتسمى هذه الحركة ثلث، ثم يحاول اللاعب قذف واحدة في الهواء مع التقاط الأربع حصوات معا، وتسمى هذه الحركة ربع، ثم ينثر الخمس حصوات على الأرض ويتم اختيار واحدة في اليد، ثم يتم وضع اليد الأخرى على الأرض بتقويس الإبهام والسبابة بحيث تكون اليد على شكل مغارة، ثم يطلب من المشاركين في اللعبة اختيار إحدى الحصوات، عندما يسألهم اللاعب: ” أين أبوكم ” فيختارون أصعب موقع للحصاة، ثم يحاول إدخال جميع الحصوات داخل المغارة بشرط إدخال ” أبيهم ” بحركة واحدة فقط وإذا نجح في ذلك يصل إلى آخر مرحلة وهي ” أم الجرخ ” حيث يضع خمس حصوات في الكف وهنا تحتسب له نقاط بعدد الحصوات التي استطاع أن يلقفها وفي حالة التقاف حصاة واحدة، تسمى الحمير، وتنتقل اللعبة إلى اللاعب التالي، أما إذا التقف حصاتين، فيكون له بكل حصاة درجتان فيصبح المجموع أربع درجات، وإذا التقف ثلاث حصوات، يكون له ست دراجات، أما إذا استطاع لقف خمس حصوات فله عشر درجات، وتسمى ” الهمج ” وتستمر اللعبة هكذا، فإن أخطأ اللاعب انتقلت اللعبة إلى اللاعب التالي”.

5- لعبة “قْلُولْعْ سِيسُو”:

انقلاب الكسكاس. والكسكاس، كما هو معلوم، إناء منزلي خاص من مستلزمات تحضير أكلة الكسكس المشهورة والتي تعرف في المنطقة باسم “أُشُّو”. بينما يطلق عليها في مناطق مجاورة إسم “أَفْتَّالْ”.

ويصنع الكسكاس، الذي يتخذ شكلا هندسيا أقرب إلى مخروط مقلوب، محليا من الحلفاء. وكان فيما مضى من أساسيات شوار العروس إلى جانب باقي مستلزمات بناء العش الأسري مثل الحصير”أَجَرْثِيلْ” ، والحنبل “إِحَنْبَلْ”، أوما يعرف بـــ” إِشْضِفْ” عند أيت حلي، والمنخل ( الغربال) “ثَلُّونْثْ”، و”ثَنْدُوتْ”، وهي طبق كبير مصنوع من أوراق الحلفاء أو الدوم لفتل الكسكوس، وتنقية الحبوب وفرزها من الشوائب، أويتخذ كقاعدة ومائدة للأكل.

ومن جملة تلك المستلزمات والأواني كذلك، ” أَيْدِّيدْ”، أي جراب الماء من جلد الماعز المدبوغ، و”أَنْفِيفْ” أي القمع، و”أَسْغُونْ”، أي الحبل المفتول. وهو عبارة عن منسوج من خيوط مصنوعة من خليط من الصوف وشعر الماعز يعرف بــــ” شْمٍيضْ”،  وذلك لإعطائه المزيد من الصلابة.

ومن تلك الأواني كذلك، “أَنْمْسِيرْ” أي تفال الرحى اليدوية ” ثَسِيرْثْ أُفُوسْ”، بينما يطلق على تفال الرحى “المائية”، أي التي تتحرك وتدور بقوة الماء “ثَسِيرْثْ وَّمَانْ”، والتي لا يتوصر وجودها إلا قرب السواقي التي تجلب لها الماء، والتي تكون مردوديتها كبيرة مقارنة مع نظيرتها اليدوية.

ومن الأدوات السالفة الذكر أيضا، “ثَمْنْدِيلْثْ”، أي القطعة المصنوعة من الصوف لتغطية العجين في انتظار الطهي، والتخزين في انتظار الأكل. و”أَنْفِيفْ”، أي القمع المصنوع كما هو الحال بالنسبة لتاندوت وسيسو من أوراق الحلفاء، و”ثَشْطَابْثْ”، أي المكنسة المصنوعة من أوراق الدوم اليابسة المفصولة حديثا عن جذورها المعروفة بـــ”إْجْنَاضْ وهو جمع  أَجْنِيضْ”، أي الجماخ. وطريقة صنعها تتخلص فيما يلي: يتم تجميع الأوراق المذكورة وتصفيفها بعناية وشدها بحبل مفتول يدويا من أوراق نفس النبتة وإعطائها الشكل المطلوب لأداء وظيفة الكنس بشكل فعال.

والجدير بالذكر، أن العروس هي التي كانت  تتولى، في الغالب، إعداد هذه الأدوات، أو “إِسْكِّينْ”، والتي يطلق عليها محليا وفي الجوار إسم “إِسِفَاضْ”، إما لوحدها أو بمساعدة من أمها وقريباتها وصديقاتها. وقد كانت العرائس، بصفة خاصة والفتيات بصفة عامة، يتنافسن على إبراز مهاراتهن وذكائهن وبراعتهن في صنع هذه الأشياء، سواء المصنوعة منها من الصوف وشعر الماعز على المناول ” إِفْجَّاجَنْ”، أو من أوراق الحلفاء والدوم، إما عن طريق التشيبك، أوالغرز بواسطة إسفين خاص يسمى ” ثْسْغَنْسْثْ وتجمع على ثِسْغْنَاسْ”، وهو الأخر من صنع محلي.

ولا غرو، فالريادة والقيمة، في نظر المجتمع التقليدي، للإتقان ولبراعة الأيادي ومهارتها في صنع المنتوجات. بينما يبقى الجمال إضافة مكملة.  فلو كان الجمال يشفع لوحده لشفع للدفلى على الرغم من مرارة مذاقها. وهذه هي الرسالة التي يحاول أحد المقاطع من الأشعار التي تسرد في جلسة “أَسَنْزَيْ” المعروفة، والتي تقام صباح اليوم الموالي لقدوم العروس إلى بيتها الزوجية، إلى العريسين ولمن يحذو حدوهم، كما سمعها، بطبيعة الحال، غيرهم  ممن سبقوهم إلى ما يسمى ” القفص الذهبي”. والمقطع المذكوريقول:

“إِضُضَانْ أَيْتَمْنْعَثَنْثْ ثَرْبَا       ثِينْ أُمَا زِّينْ هَانْ إِيَاثْ أُلِلِي”.

وهذا هو معناه الحرفي: “الأصابع هي التي تتباهى بها الفتيات، أما الجمال، فهو أيضا من نصيب الدفلى”.

وفي الحقيقة تعد هذه المنسوجات تحفا فنية رائعة بزخاريفها المعروفة محليا باسم “ثِفْرِينْ”، والتي تقف كشاهد حي على الحس المرهف والذوق الرفيع لهؤلاء النسوة، وعلى ذكائهن وقابليتهن الكبيرة للتعلم والاستيعاب عن طريق المشاهدة والتقليد.

ومن مميزات تلك الأدوات، إضافة إلى صناعتها يدويا، أنها من مواد طبيعية صرفة محلية كــالصوف ” ثَضُوفْثْ” كما تسمى محليا بينما تعرف في جهات أخرى بــ ” ثَضُوتْ”، و شعر الماعز”أَنْزَاضَنْ”، والجلود “إِهِضَارْ” ومفردها “أَهِدُورْ”، و”أَزُّيوْنْ أَيْدِّيمْ”،  أي أوراق الحلفاء، مفردها “أَزُّو”، و”أُولاَوْنْ نْثِزْضَنْثْ”، أي أوراق الدوم الطرية التي لازالت لم تنفتح كاملا، ومفردها “أُولْ”، ومادة ذبغ الجلود المسماة “ثِنْوِيتْ”، المستخرجة من قشور جذور بعض الأشجار كأشجار البلوط ” أَخْلِيجْ” والبطم “فَاضِيسْ”، وكذلك قشور الرمان ” لَقْشُورْ” وما إلى ذلك.

واسم هذه اللعبة مطابق لمسماه. وهي مستوحاة من الحركة التي تتطلبها عملية إنزال الكسكاس من فوق النار (فوق الطنجرة) وإفراغ محتواه، أي بطبيعة الحال “أُشُّو”، في القصعة أثناء مراحل التبخير ( طهي الكسكس على البخار) أو ما يعرف بـــ”التفوير” أو عندما يكون جاهزا للمعالجة النهائية قبل التقديم للأكل. تلك العملية التي تستدعي قدرا مهما من الدقة والسرعة في الإنجاز.

وهذه اللعبة، التي يمكن أن توصف بأنها بسيطة، فهي مسلية وذات فائدة رياضية. وهي فردية وموجهة أساسا للصغار. إلا أنه لا شيء يمنع الكبار من الترويح عن النفس بها والاستفادة منها رياضيا ما دامت العضلات والمفاصل تحتفظ بشيء من الطراوة والليونة، سيما إذا دعت الضرورة لتأطير وتعليم الصغار ممارسة هذه اللعبة. وهي تتلخص كما يلي:

يعمد اللاعب إلى الانحناء إلى الأرض كما هو الحال في عملية السجود في الصلاة. فيضع هامته على الأرض ثم يدفع بكامل جسمه إلى الأمام في محاولة للانقلاب مستعينا في ذلك بالضغط على أطراف رجليه. وكلما كانت الحركة رشيقة وخفيفة، منسجمة ومستقيمة إلى الأمام كلما اعتبرت ناجحة.

6- لعبة “ثِغُرَارْ وُّشْنْ”.

وثغرار جمع ومفرده “ثَغْرَارْثْ”، أي الغِرارة بالعربية الفصيحة. وهي تطلق على الوعاء الذي تحمل وتوضع فيه مختلف الحبوب مثل القمح والشعير. كما يمكن ان تكون لها استعمالات أخرى، ولو على الأقل، محليا وفي الجوار، مثل حمل الأمتعة والأغراض المشتراة من الأسواق الأسبوعية، التي تكون في الغالب بعيدة من أماكن السكن وبالتالي تستوجب التنقل إليها على ظهور الدواب.

وتعد “ثَغْرَارْثْ”، إلى جانب ” ثْبَرْدَ”، أي البردعة، و”ثَوْرْيٍيتْ”، أي المقود الذي كان يتخذ من حبل مصنوع من مواد صوفية ممزوجة بشعر الماعز، و”رْسَمْ”، و”صْرِمَ”، المصنوعين من مواد حديدية، من المستلزمات الضرورية المخصصة لكل مطية ( الدابة المركوبة) أو ما يعبر عنه بـــ” لْبْهِينْثْ”. غالبا ما تكون من البغال، وفي بعض الأحيان من الحمير لا فرق في ذلك بين إناث وذكور هذه الحيوانات التي سخرها الله عز وجل لبني الإنسان. إلى جانب ما سبق، في هذه الفقرة، لا يمكن الاستفادة من خدمات المطية بشكل كبير وفعال، سواء للسفر و للزيارات أو للعمل في الحقول، ولاسيما لنقل البذور إلى الحقول لبذرها أو لجمع المحاصيل الفلاحية من الحقول والبيادر على الخصوص في فترات جمع المحاصيل، إلا بوجود  البردعة (ثْبَرْدَ).

وتتلخص هذه اللعبة، الموجهة أساسا للصغار، كما هو الحال بالنسبة للعبة “قْلُولْعْ سِيسُو”، إلا أنها على العكس منها لعبة جماعية يلزم للعبها على الأقل ثلاثة أفراد، فرد قادر على لعب دور المطية (الدابة) التي سوف تحمل الشواري المتكون من فردين أقل من الأول في السن والوزن. ومن الأفضل أن يكون هناك شخص أو شخصان إضافيان يساعدان  الثقل  فيما يلي:

 7- لعبة “بَاكُو”.

عبارة عن اللعب بواسطة عدد محدد من ثمار” بَاضِيرْ” التي تنتجها شجرة السرو ” تَاقَة”. يتم حفر حفر صغيرة في التراب أو لوحة خشبية ثم يقوم اللاعبان المتنافسان بتوزيع ما لديهم من حبات على مجموع الحفر بالتساوي فيما بينهما وفق القانون الخاص باللعبة والذي، مع الأسف طواه النسيان، لدرجة أن أحدا ممن سألتهم، وعدهم كثير، لم يعد يتذكره  بما يشفي الغليل. ولكن شأت إرادة الله، أن يأتينا الفرج من جهة لم تكن في الحسبان. إنها الشبكة العنكبوتية، المعبر عنها اختصارا بالأنترنيت. وإليكم ما وجدته في هذه الوسيلة العجيبة حول باكو، أو على الأقل، حول ما يشبهه لحد كبير. وبهذا الخصوص، يمكن للمرء أن يتساءل من أدخل تلك اللعبة إلى منطقة أيت مخشون تاريخيا؟

 نبذة تاريخية.

لعبة أَوالي Awalé (ولها أيضاعدة أسماء منها أوِلِي Awélé ، أجوة  Ajwa، ليلا  Lela، شِزُولوChisolo، كلك  Kalak، أُوَري Oware،  كوو Coo و كورو  Coro وباووBawo،…) هو من بين الألعاب الاستراتيجية المعروفة، واحد  أقدمها. وقد وجدت آثارا لدى مصريي مصر القديمة للعبة تسمى سينيت (لها عدة صفوف) مشابهة للعبة الأوالي ولكن ليس هو أصله. والأصل الحقيقي لهذه اللعبة يعود لحوالي القرنين الخامس والسادس الميلاديين. وقدعرفت أقدم نسخة لهذا اللعب لدى إثيوبيي القرن السابع الميلادي. وهي المعروفة بالمنقلة الإثيوبية. ثم انتشرت من بعد ذلك شيئا فشيئا في الشرق الأوسط وفي جميع أنحاء القارة الإفريقية.

وأوالي هو “لعبة  اللوحة ” (منقلة). يتم لعبها من طرف شخصين بواسطة لوحة خشبية تشتمل على عدد معلوم من الحفر (12 حفرة،  ست لكل متبار) وعلى عدد محدد كذلك من الكريات الصغيرة ( 48 أو 72 بحسب المناطق) مختارة من بين بذور بعض النباتات والأشجارالمتوفرة في الطبيعة.

وتبعا لاختلاف الأوالي من منطقة إلى منطقة، فإن قواعد لعبه تختلف أيضا. ولكن بصفة عامة، فإن القواعد الأكثر شيوعا جد بسيطة، و سهلة التعلم. ولكن الاستراتيجيات المطبقة فيها بغرض الفوز على الخصم لا تقل أهمية عن الاستراتيجيات المتبعة في لعبة الشطرنج. وفيما يلي القواعد المذكورة:

الهدف من اللعبة

والهدف من اللعبة هو الاستيلاء على الحد الأقصى من البذور. والفوز يكون  للاعب الذي يستطيع أن يستولي في النهاية على معظم البذور.

مجال اللعب، أي الملعب

كما سبقت الإشارة إلى ذلك،  فملعب الأوالي عبارة عن لوحة خشبية بحفر. وهي تصنع  في معظم الدول الإفريقية، التي تعتبر فيها هذه اللعبة شعبية، بإتقان. وتبعا لذلك، فثمنها يختلف باختلاف المواد المصنوعة منها وطريقة وكيفية صنعها. ولكن ليس هناك ما يمنع من لعبها في الهواء الطلق وعلى الأرض مباشرة في ظل شجرة أو غيرها، كما كان الحال عندنا فيما مضى. وينقسم الملعب إلى قسمين -متقابلين يتوفر كل قسم على 6 حفر وعدد مناسب من بذور اللعب (48 بذرة في حالة اللعب وفق نظام 4 بذرات لكل حفرة، أو 72 بذرة بواقع 6 بذرات لكل حفرة).

أدوار اللعب

يتم اللعب بالتناوب. ولكل لاعب دور. وينطلق اللعب بأحد الطرفين إما بالاتفاق التلقائي أو بالقرعة. وعلى من عليه الدور أن يأخذ جميع البذور الموجودة  في الحفرة التي يختار الانطلاق منها ثم يقوم بتوزيعها على باقي الحفر الموجودة على يمينه ويمين تلك الحفرة، أي يتحرك عكس دوران عقارب الساعة. ويقوم بتزويد كل حفرة منها، سواء كانت مملوءة أو خاوية، ببدرة واحدة  فقط . ويستمرفي التوزيع إلى أن ينفذ مجموع ما في يده من تلك البدرات. ولا يقتصر توزيعه هذا على حفره فقط بل يتعداها إلى حفر خصمه.

جني ثمار اللعب/ المصادرة

إذا وقعت البذرة الأخيرة من البذور الموزعة في حفرة من حفر الخصم التي كانت تشمل من قبل على بذرة واحدة أو بذرتين، فإن للاعب الموزع الحق أن يأخذها لحسابه ( أي أن يأكلها/ أن يصادرها لحسابه) وبذلك تخرج من دائرة اللعب وتدخل إلى خزينة جانيها، وتبقى الحفرة فارغة.

الجني المتعدد/ المصادرة المتعددة

حينما يستحوذ أحد اللاعبين على الحبتين أو الثلاث حبات المجتمعة في الحفرة التي ينتهي عندها التوزيع الذي قام به، وكانت الحفرة التي قبلها هي الأخرى تحتوي على نفس عدد الحبات، فإن له الحق كذلك في مصادرة ( أكل) تلك الحبتين أو الحبات الثلاث وهكذا دواليك.

حالة الحلقة مغلقة

إذا كان عدد البذور التي أخذت من حفرة انطلاق التوزيع أكثر من 11، فهذا يعني أنها ستمكن من إتمام دورة كاملة من التوزيع. وفي هذه الحالة فإن حفرة الانطلاق هذه يستوجب تخطيها وتركها فارغة بطبيعة الحال. وتسمى الحفرة التي تحتوي على ما يكفي من البذور لقفل دورة كاملة بــــ “كْروو Krou”.

حالة الإطعام

من مميزات هذه اللعبة أنه ليس لأي لاعب الحق في تجويع خصمه. كما لا يحق له أن يلعب بطريقة تفضي إلى الاستحواذ على كل بذور ميدان الخصم.

نهاية اللعبة

تنتهي اللعبة إذا:

– استنفذ أحد اللاعبين جميع ما في جعبته من بذور ولا يستطيع إذن اللعب. فإن للاعب الخصم حينئد الحق في جني البذور المتبقية.

– تكرر نفس الوضع بعد عدد من عدد من اللعب بحيث يتأكد أن نهاية اللعبة لن تتم أبدا إذا بقي الحال على ما عليه. وفي هذه الحالة يتطوع أحد اللاعبين بالتخلي عن اللعب. وآنذاك يستولي خصمه على البذور المتبقية في الميدان.

بعض الأمثلة:
حركة بسيطة أساسية:

بَاكُو - حركة بسيطة أساسية

حان دورك للعب. مجال تحركك ( ملعبك) هو الموجود في الأسفل. والملاحظ أن حفره الحاملة للأرقام 1 و 3 و 6 هي فارغة، بمعنى أنه لا يمكنك اللعب بها ( الانطلاق في اللعب منها). في حين أن الحفرة رقم  4 تتوفرعلى 5 بذرات . وبذلك، فهي المؤهلة لأن تلعب بمحتواها وتنطلق منها يمنة ( على يمينك ويمين المجال الخاص بك) في توزيع ما فيها على حفرتيك رقم 5 و6 ثم على حفر خصمك ذات الأرقام 1 و2 و3. وعند الفراغ مما في يدك من بذور سينتج عن ذلك الوضعية ( الحالة) التالية:

بَاكُو - حركة بسيطة أساسية2

 

مثال عن الأكل/ الجني/ المصادرة: أنت أمام الوضعية التالية:

حفرتك ذات الرقم 4 تتوفر على 3 بذرات . في حين الحفرتين المتبقيتين 5 و6 في كل واحدة منهما حبة واحدة فقط. وفي نفس الوقت،  يلاحظ أن الحفرتين رقم 1 و 5 من قسم خصمك تتوفران على بذرة واحدة فقط لكل واحدة منهما. بينما الحفرة رقم 6 فهي تتوفر على بذرتين. أما الحفر الثلاث المتبقية وهي 2 و3 و4، ليس فيها أية بذرة.

Sans titre 6

عليه، إذا حان دورك للعب، فستختار بطبيعة الحال اللعب بما في حفرتك رقم 4، وستكون الحصيلة على الشكل التالي:

Sans titre 6

وبما أن بذرتك الاخيرة قد أضيفت إلى البذرة الوحيدة التي كانت في الحفرة رقم 1 من ميدان صاحبك، فإن مجموع ما في تلك الحفرة سيصبح بالتالي بذرتين مما يعطيك الحق في أكلهما ( مصادرتهما أو الاستحواذ عليهما). وهذا ما يعبرعنه بالأكل أو الجني أو المصادرة وما إلى ذلك من مترادفات والتي يعبر عنها، حسبما  أتذكر، في لعبة باكو بـــ ” ثُورْوِيِي”، أي ولدت لي

Sans titre 7

وفيما يخص حالة الأكل/ الجني  المتعددين /المصادرة المتعددة، فإنها تكون ممكنة إذا ما توفرت مثل الوضعية (الحالة) الآتية:

Sans titre 1

واحدة في كل من حفرتيك رقم 5 و6 وحفرتي 2 و3 من حفر خصمك. في نفس الحين تتوفر حفرة خصمك رقم 1 على بذرتين. فإذا قمت بتوزيع ما في حفرتك رقم 4، فستتكون لديك الوضعية التالية:

Sans titre 2

بذرتان في كل من حفرتيك رقم 5 و6 وحفرتي 2 و3 من حفر خصمك. و3 بذرات في حفرة رقم 1 من حفر خصمك. مما يعطيك الحق في أكل مجموع ما في حفر خصمك رقم 3 ثم رقم 2 ثم رقم 1. وهذا ما يطلق عليه الأكل أو الجني المتعددين أو المصادرة المتعددة. فيصير مجموع ما استحوذت عليه 7 بذور في دورة واحدة.

وهنا تبرز أهمية الحسابات الذهنية الفورية التي يتوقف عليها بناء الاستراتيجيات الدفاعية أو الهجومية التي تتطلبها هذه اللعبة البسيطة في شكلها وقواعدها المعقدة في تفاصيل خططها الدفاعية والهجومية”.

8 – لعبة “عَبْرٍيرُو”.

ومن ذلك، على سبيل المثال، استعمالها كــ”ذخيرة” لما كان يعرف محليا كذلك بــ. وهو عبارة عن ” مسدس” خشبي يصنع من جذوع شجرة ” ثَابْغْ/ النسرين” المعلومة. وقد اختيرت هذه الشجيرة المشوكة لتكون المادة الأولية لصنع هذا “السلاح العجيب” المنتج مائة بالمائة محليا، بدون الحاجة إلى استيراد الخبرة والمواد الداخلة في إنتاجه أو الضرورية لاستعماله، والذي يمتاز فوق كل ذلك بأنه سلاح مائة في المائة “بيوBio”.

ويرجع اختيار خشب شجرة النسرين لصنع “عبريرو” إلى سهولة معالجة جذوعها بأبسط الأدوات، بحيث تقطع إلى أطراف صغيرة بطول حوالي الشبر، ثم يعمد إلى تجويفها لتصبح على شكل أنابيب قابلة للاستعمال كفوهات لهذا السلاح بأسافين مصنوعة من الأسلاك المتاحة مثل الأسلاك الشائكة لتسييج الحقول. وبعد ذلك تصنع لها مكابس من الأغصان الصلبة على مقاسها.

وحينما يراد التشغيل، يؤتى بجزء من خرقة ثوب على قدر ما يمكن إدخاله في فوهة “عبريرو”. ثم تبلل وتدفع دفعا بواسطة المكبس، حيث ينتج عن ذلك توليد هواء مضغوط كاف لدفع ” الخرطوشة”، التي ليست إلا حبة “بَضِيرْ”، أي ثمرة من الثمار التي تنتجها شجرة “تَاقَ”،  فتنطلق من فوهة ” عبريرو” محدثة صوتا مميز شبيه بطلقة بندقية مع الفارق، بطبيعة الحال، في القوة. وتتوقف النتائج المحصل عليها، على جودة المصنوع. فكلما كانت الصنعة متقنة والمواد المستعملة  في عملية الصنع جيدة إلا وكانت النتيجة جيدة، وبالتالي تزداد متعة اللعب.

9- لعبة البيضة والأصابع

 

هذه اللعبة عبارة عن قصة مسلية  تحكى مرفوقة بحركات وكلمات معبرة أدواتها أو أبطالها هم الأصابع اليدوية الخمسة. والغرض منها  إلهاء الصغار وإسكاتهم في حالة البكاء  وعادة ما يكون ذلك بسبب الجوع وتأخر إعداد الطعام. وتقتضي أن يأخذ السارد أو الراوي للقصة، وهو بطبيعة الحال شخص من الأقارب محترم غالبا الجد أو الجدة أو الأب أو الأم أو العمة أو الخالة وكلما كان طاعنا في السن زاد احترامه ، ذكرا أو أنثى، وقد يكون فقط من المعارف الزوار، قلنا يأخذ بيد الصبي أو الصبية فيمسك بيد ويعد أصابه بأخرى مقسما عليهم الأدوار. فيبتدأ بأصغرهم وهو بطبيعة الحال الخنصر قائلا ” يُوفْ وُ ثَمْلأّلْثْ أي عثر هذا على بيضة” ثم يمر إلى البنصر فيقول : “إْسْنُوتْ وُ أي وسلقها هذا” ثم ينتقل إلى الوسطى فيقول ” إِقَشَّرْتْ وُ أي قشرها هذا” ثم يتمادى إلى السبابة قائلا ” إِرْفْسَتْ وُ أي معسها هذا” وحينما يصل إلى الإبهام بصرخ” هَيْشَّتْ وُ أي وأكلها هذا”، فيتابع بالقول ” أَهَجْناسْ أَيثْمَاسْ دْزْ دْزْ أي أشبعه إخوته ضربا” مضيفا “أَهَيْحَرْقْ أَهَيْوَعْدْ غَرْدَ أي استاء وذهب إلى هنا مع دغدغة  ذلك المكان فينفجر الطفل أو الطفل ضحكا مما يشعر به من جراء تلك الدغدغة. ويستمر السرد مع التشخيص بالأفعال والحركات وخاصة قسمات الوجه كما كان الأمر منذ البداية، فيقول الراوي ” بْدَانْ أَيْثْمَاسْ لَّتْحَوَلَنْثْثْ مَوَرْدْ إِتْعَيَادْ غَرْ أُمْشَنَنْسْ طَرْفَاسْنْ، مْرَّ لَّيْچُّرَاسَنْدْ مْرَّ لَّيْتْعَزَّيَاسَنْ بمعنى فبدأ إخوته في استعطافة والأخذ بخاطره عله يعودإلى مكانه بجوارهم فمرة يستجيب وأخرى يمتنع” ثم يستمر الحديث ” أَمِّدِينْ دَمِّدِينْ خَسَزْچَّ دْيِوِضْ غْرُمْشَنْ دْيْلُّ لْخْثُ دَيْ إِعْزَّيَاسُنْ أي بقوا على ذلك الحال إلى أن وصل إلى الموضع الذي يتواجد فيه الآن فأبى أن يستجيب لرغباتهم وأن يعود إلى موضعه الأول ”  ثم تنتهي القصة بالقول” أَدٍينْ أَسِلًّ وْحْدَنْسْ چْفُوسْ إمْخَضَ دَيْثْمَاسْ أي هذا هو سر ابتعاد الإبهام عن الأصابع االآخرين”.

وما دمنا بصدد الحديث عن الأصابع ، فلا بأس من سرد ما تناقلته الألسن بخصوص الأسماء التي أطلقها الأولون على أصابع اليد بغرض ” التنكيت والتسلية والترفيه. فهنا أيضا يتم أخذ يد صغير وتعد أصابعه من الخنصر إلى الإبهام مع تخصيصهم بأسماء معبرة. فيقول : ” هَـــ: سْعِيدْ أَمْزَّانْ أي هذا هو سعيد الصغير” بالنسبة للخنصر” هَـــ: بُثْخُثَامْ أي وهذا صاحب الخواتم  أو حامل الخواتم ( والمقصود بالخواتم الحلقات المتخذة للزينة)  ”  بالنسبة للبنصر و” هَـــ : مْيَجَرْ أَيْثْمَاسْ أي المتجاوز لإخوته أو الأطول من إخوته” فيما يخص الوسطى  و”مَلْغْ زِّوَا أي مُلْعِقُ القصعة” بالنسبة للسبابة و ” مَدَّزْ خُوخُّ أي دقاق وساحق  والحشرة المعنية هنا هي القمل لأن من عادة القدامى عند فلي وإزالة القمل قتلها سحقا بين ظفري الإبهامين.

10 – لعبة “زَّاضْ زَّاضْ أَمُنَ سِّيفْ سِّيفْ أَمُنَ أو أَعُنَ”

تندرج هذه اللعبة في نطاق تسلية الأطفال الصغار. وبذلك فهي تسير على منوال اللعبة  السابقة ” البيضة والأصابع”. فالفضاء الذي تسرد وتشخص عليه هذه اللعبة هو كف يد صغيرة يمكن ليد المنشط أو المنشطة أن تنطبق عليها بكل سهولة ولكن بطبيعة الحال برفق وحنان. وتتمثل هذه اللعبة في مداعبة كف الصغير وأصابعه والتلفظ بعبر وجمل قصيرة منتقاة مختارة لتكون أقرب من عقليته ومستوى نضجه، في تناغم وانسجام وتزامن مع حركات إيمائية معبرة تحاكي ما يُفْعَل حينما تطحن الحبوب في المطحنة وغربلتها بالغربال المعروف قبل عجنها وطهيها وتقسيم الرغيف المكون منها بكل نزاهة وتجرد بين كافة الأفراد الحاضرين. وللزيادة في التشويق وتحبيب اللعبة إلى نفوس الصغار عادة ما يتم احتساب الأشياء التي يحبونها من لعب وحيوانات كالكلاب والجديان باستثناء القط لأن اللعبة قد خصصت له دورا أساسيا سيتم التعرف عليه من بعد، قلت تضاف هذه المخلوقات على عدد المقسم عليهم لتنال هي الأخرى حظها من الرغيف المقسوم. ومع هذا كله فالعدالة والتضامن والتكافـل، وبصيغة أخرى، سلوك التقاسم والتشارك، وكل هذه الخصال تربيها وتغرسها هذه اللعبة في النفوس منذ الصغر بطريقة عملية لا إرادية مما يجعلها مقبولة. وزيادة في الإمعان في غرس الخصال المذكورة، لا تهتم اللعبة فقط بمن حضر وقت التقسيم ولكن تستحضر حقوق الغائبين فلا تغفلهم وتحتفظ لهم بأنصبتهم إلى حين حضورهم. و”ثقافة ” عدم إغفال أو إقصاء أي أحد مما يقع تحت اليد ويتم الحصول عليه سواء كان طعاما أو ” وزيعة” أي الذبيحة التي يتم الاتفاق على شرائها وتقاسم لحمها وثمنها وهي وعروفة من جملة التقاليد التي في طريقها إلى الانقراض مع الأسف، أو غير ذلك مما يستحق التقسيم. وما دام الشيء بالشيء يذكر كما يقال، فلا بد أن نشير هنا إلى خصلة هي الأخرى في طريقها إلى الزوال، إنها عادة إرجاء تناول اللحم الذي يحتوي عليه الإناء المقدم للإطعام إلى حين استنفاذ كل ما في الإناء أو بلوغ حد الشبع وإداك يتم تقسيم اللحم بين من تتكون منهم ” ثَسْقِيمُوتْ” أي ما يمكن ترجمته بـــ”الجلسة” أو ” المجموعة أو الفرقة المشكلة من أجل تناول الطعام في الولائم والمناسبات المشابهة، أي في كل حدث يتم الإطعام فيه بشكل جماعي. فأين نحن الآن من هذه الثقافة التي تغرس في النفوس المودة والمحبة والتراحم بحيث تسود الأثرة  التي امتدحها الله عز وجل في كتابه الكريم حيث قال في سورة الحشر “ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة” وتتوارى الأنانية التي استأسدت في زماننا.

وهكذا تنطلق اللعبة المسلية بــعبارات ” زَّاضْ زَّاضْ أَمُنَ أي أطحن أطحن يا مُنَ” مرفوقة بحركات دائرية من طرف أصابع المسلي مضمومة بعضها إلى بعض فوق الكفة الصغيرة بطريقة تحكي وتقلد دوران الرحى.  والرحى المقصودة هنا غالبا ما تكون الرحى اليدوية المعروفة في الماضي والتي يمكن حملها وتنقيلها من مكان إلى آخر بكل سهولة. أما كلمة “مُنَ أو مونا” المنطوقة أثناء تحريك الأصابع لا علم لي صراحة بأصلها ومعناها الحقيقي. وربما كلمة تحبيبية مشتقاة من ” الأم” أو هي إسم ” منى” المعروف والمتداول في بعض المناطق المغربية الأمازيغية كزمور وزيان. وبعد الانتهاء من ” زاض زاض…” يتم الانتقال إلى ” سِّيفْ سِّيفْ أَمُنَ أو أَعُنَ” مع القيام بحركات مقلدة للغربلة من طرف أصابع الكبير مبسوطة فوق كف الصغير، ثم تتوالى مراحل اللعبة بكلمات “چّْ چّْ أي أعجن أعجن” ثم بــ ” نَّوْ نَّوْ أي اطْهَ اطْهَ”  ثم بحركة موحية بإزالة الرغيف من فوق ” ثْفَانْثْ أي إناء منزلي لطهي الخبز مصنوع من الطين التي يطلق عليها محليا “ثْلاَغْثْ” أي الطين الصلصالي. وبطبيعة الحال كل هذا بالإيماء كما سبقت الإشارة وليس حقيقة. ثم يستمر ” التمثيل” بحركة موحية بأنها من أجل رفع الرغيف من فوق إناء الطهي المذكور ثم بحركة أخرى تفيد تقسيم الكسرة المرفوعة إلى أجزاء توزع على من حضر مع القول “أَخَاشْ أَ… أي خذ يا …” مع ذكر إسم المقصود بكلمة “أخاش أي خذ”. وزيادة في التشويق، يتصرف المخاطب بـــ ” أخاش” وكأنه يتلقى بالفعل شيئا ملموسا فتراه يوجه يده إلى فمه في حركات توحي بأنه يلتهم بشراهة ما آل إليه مما وزع . وبطبيعة الحال، فإنه لا يمكن إغفال الصبي أو الصبية، بل قد يبادر هو من تلقاء نفسه إلى المطالبة بحقه بعدما يستوعب الطريقة التي يتم التصرف بها من قبل الحضور تجاه أنصبتهم.  ولما لم يتبق أي أحد من الحضور دون أخذ نصيبه من ” الوليمة”، يتحول الاهتمام إلى الغائب أو الغياب فيحتفظ لهم بما تبقى من الرغيف بطبيعة الحال في كف الصغير مع حثه على إحكام غلق أصابعه عليه بصفة محكمة تجنبا لضياعه. وبعد هنيهة، أو وصول الغائب، يؤمر بفتح الكف وبطبيعة الحال، بما أنه لم يوضع فيه أي شيء، فإنه لن يتم العثور فيه على أي شيء. ولكن يبادر الكبير الصغير بإيهامه بأن القط قد استطاع التسلل إلى الكف فالتهم الأنصبة أو النصيب المحتفظ به فيبدأ التوعد والوعيد بالقط جزاء له على فعلته.

ولنعد مرة أخرى لنقول أن كل هذه المواقف والتصرفات والحركات ما هي إلآ إيماءات من صنع الخيال ولا وجود لها على أرض الواقع. وعليه فحتى القط وسرقته للمحتفظ به، وهروبه للاختباء، وتقفي أثره والعثور عليه ومعاقبته بالدغدغة كل ذلك من نسج الخيال. وهكذا وبعد التأكد من فقدان المحفوظ يتم إمساك كف الصبي بحزم ولطف ثم  يجر بطريقة تمكن من كشف ذراع هذا الأخير أي الصبي في محاولة من المسلي لإقناع من يلعب معه أنه المسلك والطريق الذي سار فيه القط أثناء هروبه بعد فعلته ” الشنيعة”. قيبدأ المسير بتحريك السبابة والوسطى على ذراع الطفل أو الطفلة بطريقة مقلدة لحركات الرجلين مع ما يثير كل ذلك من حساسية ودغدغة على بشرته الصغيرة فينفعل معها بالضحك ومحاولة الانفلات من قبضة مسليه. وبطبيعة الحال، كل ذلك مرفوقا  بكلمات معبرة وموحية وهي : ” هَلَثْرْ، هَثِبَر، َ هَلَثْرْ، هَثِبَر، أي ها هو الأثر ها هو الروث” . والبدء في السير بحثا عن “القط” المزعوم المعتدي من مكان حدوث ” الجريمة” أي من الكف الصغير مرورا بجوار الإبهام ماضيا في وسط الذراع  مسترسلا بتسلق العضد  وصولا إلى منطقة الإبط حيث تتم دغدغته بشكل يثير فرح وضحك الصغير أو الصغيرة مع القول ” إِخِ إِخْ أي انفر انفر”. وبذلك تنتهي اللعبة دون أن تنتهي عادة  رغبة الصغار في إعادة اللعبة مرارا وتكرارا لدرجة قد يشعهر معها الكبار بالضجر والمضايقة خاصة إذا كانوا منشغلين أو تنتظرهم التزامات و انشغالات.

11- لعبة الانعكاس  الضوئي

 

يظهر أن لعبة الانعكاس الضوئي أو بالظلال قديمة قدم البشر. وهي نتاج ملاحظة ومشاهدة ما حول هذا المخلوق. وقد يكون ذلك على ضوء الشمس أو على نور القمر وخصوصا حينما يكون بدرا. وقد أدى اكتشاف النار وتطبيقاتها خاصة في الإنارة إلى زيادة الاهتمام بهذا الجانب. وكلما تطورت وسيلة الإنارة إلى وتطور معها استعمال الظلال كوسائل للترفيه والعب. ومن المعلوم أن الضوء هو أساس فن السينما الذي تطور إلى صناعة ذات أثر اقتصادي وثقافي وترفيهي وترويجي لعدة أفكار ومنتوجات وبصفة عامة وسيلة إعلامية خطيرة لتمرير رسائل متعددة ومتنوعة الأهداف والمقاصد.

انطلاقا مما سبق يمكن القول أن منطقتنا لم تكن في معزل عن استغلال الظلال وخاصة الناتجة منها  عن  ضوء مصادر الإنارة وبخاصة المواقد والقناديل والفوانيس للترويح عن النفس من خلال  تشكيل شخوص وأشكال مختلفة مقلدة لما في الطبيعة من مخلوقات. فقلدوا رأس الأبل وحركات تناوله للطعام، ورؤوس الأرانب والذئاب والكلاب وحركاتها وما إلى ذلك.

12- لعبة تقليد مضغ الجمل.

 

تتلخص هذه العبة في محاولة اختبار فطنة الصغار ومدى قدرتهم على المحافظة على ما بأيديهم من مأكولات وبصفة خاصة من قطع الخبز التي غالبا ما تكون أقصى أماني الصغار في الماضي حيث كانت المواد  الغذائية نادرة وغير متوفرة بالقدر الذي نراه اليوم. وهذا ليس بغريب فكل من كان موجودا في الستينيات وقبلها يعرف هذا ويستوعبه. وباختصار،  يعمد الكبير إلى التحايل على الصغير في محاولة للحصول على ما في يده من قطعة  خبز فيقول له  ” أَوْيَدْ أَدَاشْ جَخْ أَفَزْ أُلْغَمْ، أي أعطني ما بيدك لأريك كيف يمضغ الجمل”. فإذا كان الطفل فطنا  يمتنع أو يحاول تفادي المطلوب بأية طريقة  ممكنة . وإذا لم يكن كذلك يمد ما بيده بطريقة عفوية منتظرا في شغف وبراءة اكتشاف الموعود. وبطبيعة الحال فإن الشخص المدعي لمعرفة مضغ الجمل لا يتمادي في التهام ما يتوصل به من الطفل، وإنما يأخذ لقمة ثم يعيد الباقي إلى صاحبه مع تنبيهه إلى ضرورة أخذ الحيطة والفطنة إلى ألاعيب بعض المتربصين للاستحواذ على ما بيده فقط.

13- لغبة “ثْغَرَ أُيِيسْ” ( سباق الفرس) على قصبة.

 

هذه اللعبة يقلد فيها الطفل الفارس  من خلال ات  اذ ما يتوفر عليه من قضبان خشبية وغالبا ما يتخذ ذلك من القصب المعروف فيمتطيه  أي يضعه بين رجلية بحيث بمرر الجزء الطويل إلى الوراء ويحتفظ بالقليل إلى الأمام ليكون بمثابة رأس الفرس فيقبضه بيده أو يضع له حبلا مما تحت يده من خيوط أو أوراق النباتات على شكل شكيمة أو لجام ثم يبدأ بالجري والتسابق مع الخير وكأنه  يتسابق على حصان ممن الأحصنة.

14- لعبة “ثَسِيرْثْ وَّمَانْ” بواسطة ثمار الرمان الصغيرة.

هذه اللعبة موجهة للأطفال الذي بلغوا سنا يمكنهم من استيعاب فكرتها. ولا مانع من الاستعانة بمن هم أكبر  سنا أو حتى الكبار. فهي مستوحاة، كما يستفاد من تسميتها، من المبدأ والطريقة التي تعمل بها الرحى التي تسير بالماء. ولذلك، فمن ضرورياتها  وجود جدول صغير متسرب من ساقية أو نحو ذلك. وقد ساعدت  تضاريس المنطقة  التي تتميز بمنحدرات تعلوها السواقي على اللجوء لهذه اللعبة كثيرا وخاصة أواخر فصل الربيع  وطيلة  فصل  الصيف وبداية فصل الخريف حرارة الجو واعتدال الماء يساعدان على ذلك   بدون تحفظ مخافة  الأمراض التي تسببها المياه الباردة والجو القارس أثناء ما تبقى من  السنة. كما تحتاج هذه اللعبة إلى وجود ثمار بعض الأشجار التي تصلح وتسهل صنع الجزء الدوار الذي يدور بفعل سقوط الماء على زعانف ملتصقة بالجسم المذكور. ومن الثمار التي تصلح لذلك على الخصوص صغار  فاكهتي   الرمان والتين. وما أن  تجتمع اللوازم الضرورية لصنع الرحى المكورة حتى يتم الشروع في العمل . فيجر الماء عبر ساقية إلى مكان  يمكن اتخاذه كشلال، أي يمكن من إسقاط الماء من الأعلى إلى الأسفل. فتقام القواعد التي تبنى عليها الرحى بواسطة الأحجار والأعواد ثم بؤتى بعود بعلو المكان الذي تسقط منه المياه نحو الأسفل  فيمرر عبر وسط الجسم المختار بحيث يكون هذا الأخير في أسفل العمود قريب من الأرض ومن القاعدة التي سيتحرك عليها ويدور فوقها بشكل دايري بفعل تساقط الماءـ ثم تغرس الخشيبات الصغيرة في الجسم المذكور ( الرميمينة أو باكورة التين)على شكل دائري محيط به وهي التي ستلعب دور الزعانيف التي ستحركها المياه فيتحرك معها  الجسم السالف الذكر وبالتالي يتم تدوير الكل بما فيها العمود بشكل مستمر ومسلي.

15– لعبة “لَعْبَارْ”.

هذه اللعبة عبارة عن قفز طولي لا أقل ولا أكثر يتبارى بموجبها المشاركون على من سيحتل المرتبة الأولى بقفز أطول قفزة.

16- لعبة “بُثْنَاعْشْ”.

 

هذه اللعبة شبيهة في قواعدها باللعبة المعروفة بالضامة. وقد سميت ” بوثناعش” لأنها ببساطة مقسمة إلى  12 مربعا يتم رسمها على صخرة مسطحة ومستوية.

17- لعبة “مْدَرْنْ لْبَازْ”

وهي عبارة عن ريادة تشبه أحد الوضعيات التي يتكون منها الجمباز. وهي تمارس  بالاستعانة بأغصان الأشجار بحيث يقفز من يجد نفسه القدرة على ذلك نحو غصن شجرة مرفوع عن الأرض بقدر يمكن مناولة هذه اللعبة بيسر ورشاقة. فبقبض بكلتي يديه  على الغصن المختار ثم يرفع جسمه معتمدا على ساعدية في محاولة لتمريره في الفجوة المتكونة من الغصن من الأعلى والساعدين على الجانبين ومن باقي الجسم في حركة بهلوانية وانقلاب شبيه بانقلابات  الباز وخاصة أثناء تحليقاته ومناوراته  للانقضاض على طريدته. ففي الوقت الذي يقتصر فيه أغلب اللاعبين على هذه الحركة البسيطة، يتعداهم  أما المتقنون والمجربون  إلى المرور ثم الرجوع في حركة عكسية  من مكان العبور دون إطلاق أيديهم أو السقوط. وقد لا يقتصرون على مرة أو مرتين وإنما قد يتجاوزن ذلك بكل سهولة.

18- لعبة ” فَرْ وَضُو أوَضِي”

تتلخص هذه اللعبة التي لا يلعبها عادة إلا الذكور لأنهم هم الذين يتوفرون على السكاكين التي لابد منها للحصول على الأداة الأساسية في هذه اللعبة وهي المروحة. وتصنع هذه الأخيرة و العمود الحامل لها من  خشب  زهرة “الْبَرْوَاج” أي البروق أو العنصل وذلك نظرا لخفته مما يسهل معه على الريح تحريك المروحة بكل سهولة وفعالية. فلا يبقى للفرد إلا أن يوجه المروحة  التوجية  الصائب أي في اتجاه الريح مثلما تعمل المراوح الورقية التي تباع في  شوارع بعض المدن. وكلما زادت الريح هبوبا زادت المروحة دورانا وزادت معها فرحة الماسك لها. وأحيانا يصاحب ذلك جري اللاعب وفي يده المروعة فتزداد سرعتها.

19- لعبة ” لِيشَارْتْ”

وهي عبارة عن لعبة خاصة بالرماية والتسديد بالحجارة. بحيث ينصب حجر من حجم متفق عليه في مكان متفق عليه كذلك. ثم يتم تعيين وتحديد المسافة بين الهدف ومكان وقوف المتبارين المشاركين في الرماية  وفي اللعبة. وكلما كان الهدف ( أي لِيشَارْتْ)  المقدوفة  بالجارة يدويا صغيرا كلما زادت أهمية العناية بالتسديد وبرهن استهدافها وإسقاطها على براعة الرامي. وهذه اللعبة قد تكون فردية أي يلعبها شخص منفردا كما يمكن لعبها من قبل  شخصين فما فوق. بل قد تتبارى فيها فرقتان متكونتين من عدة أشخاص  فتكون الغلبة للجهة التي  أسقط أفرادها العدد الكبير من المرات الهدف المنصوب. وقد تشترط في ذلك بعض الشروط تزيد من التشويق مثل أن يحمل الساقط للهدف من طرف المتبارى معه أو من المتباريهن مع فرقته إلى مكان تواجد الحجرة بمثابة الهدف ليعيد نصبها ثم يحمل مرة أخرى إلى المكان المعين  لتتم الرماية منه.

20- لعبة ” تَوَّاحْ”

هذه اللعبة هي التي تسمى بالعربية الفصحى ” الأرجوحة” وبالدارجة المغربية ” الطياشة” وغيرها من الأسماء بحسب بعض المناطق، وبالفرنسية “La balançoire “. وهي لا تحتاج إلى أدوات معقدة لإنجازها ولا لقواعد ومهارات للعبها. فدعاماتها هي غصون الأشجار وحبالها ومقعدها أوراق النبات وخاصة الحلفاء والدوم بالنسبة للحبال والأغصان الصغيرة للبطم بالنسبة لما يقعد عليه.

هذه هي أهم الألعاب التي كانت تلعب وتتداول في الماضي في منطقة أيت مخشون والجوار. ومع الأسف أصبح معظمها إم لم نقل كلها في خبر كان. وبانقراضها ينقرض جزء من النشاط البشري  التي يعد ثروة لا تقدر بثمن. كيف لا  وقد ساهمت  مساهمة فعالة في تكوين شخصية الإنسان المخشوني و من  يجاوره.

لحسن بن محمد انــــــرز

التراث الثقافي

ابحث في الموقع

النشرة البريدية