تامسومانت انرز

مْلِيدْ إِثِنْزَارْ خْوَانْثْ ثْمِزَارْ

ثَمْغْرَ (حفل الزفاف)-

ثَمْغْرَ (حفل الزفاف)

الجمعة, فبراير 12, 2016

ثَمْــــــــــــغْرَ  (حفل الزفاف)

ما أن يتم الاتفاق على موعد ” ثَمْغْرَ/ حفل الزفاف “، حتى تبتدأ الإجراءات العملية لتنفيذه. ومن ذلك، شراء المستلزمات الضرورية للحدث، وفي مقدمتها بطبيعة الحال، ” نْفَقْثْ “. وكما سبقت الاشارة إلي ذلك في المقاطع المخصصة لـــ”أمشي”، فــ” نفقث”، تعني التبضع لشراء كل ما يلزم للحفل من مؤن وملابس وهدايا خاصة بالعروس وبمن تلزم العادات والتقاليد والمجاملات الاجتماعية استفادتهم من ذلك وخاصة الأم والأب.

وبخصوص هدايا العروس وتوابعها، فلابد فيها من مراعاة لما تفرضه التقاليد من شروط من حيث التشكلة والجودة وغير ذلك، وإلا فإنها لا تقبل أو على الأقل تثير ملاحظات وسجالات قد تكون لها تبعات غير مرضية.

ومن الأشياء التي لا يجب التهاون فيها عند شراء لوازم هدايا العروس،” فُولِ لْحْرِيرْ”، أي مجدول من الحرير الخالص. وقد تم استبدال هذا النوع من أذوات التزيين منذ مدة طويلة، بـــ بـ “ثَلْوِيزْثْ أو ثِخَرْصِينْ نَدْهَبْ”. وقد تم ذلك بعدما لم يعد الحصول على المجدول أمرا هينا، إن لم نقل بعدما تعذر وجوده في السوق، إما لعدم تمكنه من مسايرة الذوق أو ما يعرف بـ ” الموضة”، أولندرة المواد الأولية التي كان يصنع منها.

وبخصوص “ثَلْوِيزْثْ أو ثِخَرْصِينْ نَدْهَبْ”، المعوضة للمجدول السالف الذكر، فهي مجوهرات ذهبية معدة للزينة. فـ “ثلويزت”، عبارة عن مسكوكة نقذية فرنسية قديمة، مشهورة ومعروفة باللويز، نسبة إلى إحد ملوك فرنسا المشهورين وهو لويس الرابع عشر، تحمل في إحدى واجهتيها صورة إنسان وفي الواجهة الأخرى صورة شعار ورمز فرنسا المميز بصورة ديك. فهي معدة على الخصوص لتوضع في قلادة .

أما بخصوص قرطي ألأذنين، فهما إما أن يصنعا من “لويز” السالف الذكر، أو يصاغا ببساطة وفق أشكال أخرى متداولة ومعروفة في سوق المجوهرات.

إضافة إلى ما سبق، وإلى جنب “لْحَنٍّ/ الحناء”، الذي لا يمكن الاستغناء عنه والذي يعد من بديهيات التجميل وإبراز الفرحة، فإنه يتم التشديد على وجود، ضمن الهدايا الخاصة بالعروس، ما هو مشهور باسم ” أَصْفَضْ”. وعلى الرغم من أننا لسنا على دراية بخلفية هذه التسمية ، فما يمكن قوله أنه بمثابة حقيبة للتجميل تتضمن المقومات الأساسية لتزيين العروس والأزمنة، وعلى الخصوص، ” ثَمْرِيتْ/ المرايا، و” ثَازُولْثْ/الإثمد”، و”لْمْسْوَاشْ/ قشور جذور شجرة الجوز المعروف بالسواك”.

ولا ندع فرصتي الحديث عن مصطلحي “نفقث” و”أصفض”، دون ذكر مستملحتين تتداولان في الماضي بشأنهما أنقلها هنا للقارئ الكريم بتصرف.

ويتعلق الأمر بخصوص المصطلح الأول، بنكتة أو بخبر جرى على الألسن والسمارلما جرى لعريس مغفل ذهب إلى مدينة من المدن مشيا على قدميه، حينما كان السفرلا يتم إلا على ظهور الدواب أو مشيا على الأقدام ، للتبضع من هناك. وكان من سوء حظه أن وقع في شرك محتال ماكر استغل قلة ذكائه وغفلته. فسأله عن سبب مجيئة إلى تلك المدينة. فلما علم مراده، بادره بالسؤال: ” وهل فكرت في إضاءة وإنارة عرسك؟” قال له العريس المغفل: “ذلك  ليس مشكلة لأننا نستنير على ضوء القناديل الزيتية التي نستعين بها على ضوء المواقد التي نوقدها للاستنارة والطهي والتدفئة”. تظاهر المحتال الماكربالاستغراب متسائلا: “أوا ما زلتم تستعملون تلك الأدوات التي أكل عليها الظهر وشرب ؟ إنكم حقا متخلفون”، مردفا، ” فما فائدة المؤونة والنفقة التي جئت من أجلها إذا لم يكن هناك ضوء ينيرها ويبرز حجمها وجودتها أمام الخاص والعام؟، ففي الظلام يستوي الجيد والرديء. كان عليك أن تتدبر أمر الإنارة قبل كل شيء إذا أردت النجاح والشهرة لعرسك”. استهوت الفكرة العريس المغفل، فقال للماكر: “وما العمل إذن؟ ” أجابه هذا الأخير: “كم معك من نقود؟” رد عليه العريس المغفل بدون تحفظ وبدون تردد بالافصاح عن كل ما معه من نقود دون أن يفطن لما يدبر له. إذاك، قال له المحتال: ” لي لك حل إذا أردت؟، فما رأيك أن  أبيعك، ورفع عينيه إلى السماء مشيرا بيده نحو القمر، هذا المصباح الرائع الذي لا يوجد له مثيل لتنيربه عرسك فتكون بذلك أول من استعمل هذا الشيء العجيب فتبلغ شهرتك الآفاق؟”. انطلت الحيلة على المغفل، فسارع بقبول العرض، متسائلا فقط وكيف لي أن أستفيد منه في عرسي وهو هنا فوق رؤوسنا في سماء هذه المدينة؟ أجاب الماكر: “الأمر سهل جدا. فهو بمجرد ما يصبح في ملك سيتبعك حتما ويسير فوق رأسك إلى بلدك شريطة ألا تمشي ولا تنظر إلى السماء إلا ليلا. أما في النهار فإنه لن تلاحظ وجوده”.

تمت الصفقة بين الطرفين فقفل البليد راجعا إلى بلده بدون ما جاء من أجله لأنه ببساطة لم تبق معه نقوذ لشرائه. فسار يسري ليلا وينام نهارا، عملا بنصيحة المحتال، إلى أن وصل إلى بلده. فلما سئل عن النفقة والمؤونة، رد: “إنني جئتكم بشيء أحسن من كل ذلك”. فلما قيل له : “وما هو، رفع رأسه إلى السماء مشيرا بأصبعه إلى القمر: ” هذا هو.إنه هذا المصباح  الذي سيغنينا ضوؤه عن استعمال القناديل وما شابههم لإنارة عرسي”.

أما بخصوص، المصطلح الثاني، أي ” اَصْفَضْ”، وهو إضافة لما سبق ذكره إبان الحديث عنه، مصطلح مثير للاستغراب لأنه يختلط في كتابته ونطقه بالاسم الذي يطلق محليا على  الواد من القطع الخشبية التي توقد بها النار، والذي يجمع على “إِصْفْصِوْنْ”، ويقابله بالعربية الفصحى ” الحطبة”، وبالفرنسية La Buche .

وخلاصة النكتة المروية حول “أصفض”، أن  عريسا ذهب بدوره إلى السوق لاقتناء  النفقة استعدادا لعرسه، فتم التأكيد عليه بعدم نسيان “أصفض” وجعله في مقدمة المقتنيات التي عليه أن يشتريها حتى لا ينساه. إلا أنه لسوء حظه نسيه، ولم يتذكره إلا وهو يقترب من مضارب أهله حينما قفل راجعا في المساء من السوق. وحتى يتدارك الأمر، وبغطي عن فشله في تذكر كل المستلزمات الموصى بها، وبالتالي تفادي الظهور أمام الأهل والغير في موقع الفاشل والشخص الذي لايمكن الاعتماد عليه، أوقد نارا في الخلاء، ظانا منه أنه وجد عوضا لما نسيه وبالتالي ظفر بالمقصود وربح الثمن الذي كان عليه أن يقتنيه به، نظرا لجهله بحقيقة المصطلحين وأن كل واحد منها مخالف للآخر في المقصد والمعنى وإن اجتمعا معا في النطق. فلما شبت الناروتمكنت من القطع الخشبية التي وضعت فيها، اختار واحدة منها فوضعها في الصندوق الذي يحتوي على كل الهدايا التي اشتراها من السوق للعروس وأهلها. وما هي إلا لحظات حتى اشتعلت النار في الصندوق فأتلفت محتوياته.

وإلى جانب المستلزمات التي لا يمكن تدبيرها وتوفيرها دون اللجوء إلى الشراء، هناك ضرويات أخرى تقتضي اللجوء إلى مساعدة أفراد الجماعة وفي مقدمتهم الأهل والجيران للمساعدة. ومن ذلك:

– إعداد الحبوب القابلة للطحن، وخاصة حبوب القمح الصلب، وما يستوجب كل ذلك من الغسل في الوادي، والتجفيف تحت أشعة الشمس، والتنقية من الشوائب، والحمل إلى المطحنة المائية للطحن، و الغربلة من أجل الاستعمال إما على شكل معجنات أو طعام مفتول. وتعرف هذه العملية بـــ ” آَسُوفْغْ إِمْنْدِ”، أي يوم “إخراج الحبوب”؛

– إعداد كل الأواني والأفرشة اللازمة لحفل الزفاف وما يستوجب ذلك من غسل وتنظيف وترتيب. وهذا ما كان يطلق عليه “أَسْ وَّرُّودْ”، أي يوم ” التصبين والغَسْلِ”. وهو كغيره من الأيام الأخرى، يتم وفق طقوس معينة.

– الاحتطاب باعتبار الحطب مادة التي لا يمكن الاستغناء عنها سواء في الطهي أو في التدفئة. ولذلك، كان هو الآخر يخصص له يوم يقوم فيه الرجال والنساء بجلب الحطب إلى منزل العريس أو العروس ويسمى ذلك اليوم “آسْ أُزْدَامْ” أي ” يوم الاحتطاب”.

وبطبيعة الحال، وكما هو الحال بالنسبة لكل عملية تستوجب المساعدة من الآخرين، وبالتالي تستدعي بالضرورة تواجد مجموعة من الأفراد، فإنها تكون مدعاة لنظم أشعار ومرددات مناسبة، يظهر أن القصد منها، بث الحماسة لدى المشاركين في العملية، وبث روح التنافس فيما بينهم، والترويح عنهم، وبالتالي إشاعة ونشر أجواء الفرح التي تقتضيها المناسبة التي يتم الإعداد لها والتي يتم الاحتفاء بها.

ومع الأسف، فعلى ما يبدو، انقرضت جل الأشعار والمرددات المتداولة في تلك “الأيام” مع انقراض تلك العادات أو في طريقها للانقراض نظرا للتحولات التي طرأت على مظاهر الحياة والعلاقات الاجتماعية منذ وقت غير يسير، مسايرة لروح العصر، وكذلك نظرا لفناء الحافظين والحافظات لتلك الأشعار والأهازيج. ولهذا لم نستطع لحد الآن إلا توثيق النزر القليل منها. ولمن أراد الاطلاع على ما استطعنا تدوينه من تلك الأشعار والمرددات، فليراجعها مشكورا في الأماكن المخصصة لها ضمن الركن الخاص بالأشعار من هذه البوابة. وأملنا أن نتمكن من توثيق المزيد منها لنطعم بها ما تم الحصول عليه لحد الآن.

( يتبع…)

لحسن بن محمد انــــرز

العادات و التقاليد

تعد العادات والتقاليد من أهم تجليات الغنى التقافي المخشوني، وهي نفسها الموجودة لدى باقي بطون وأفخاذ القبائل المجاورة في جماعة المرس El MERS وخاصة، ما ينتمي منها لقبيلة أيت سغروشن سيدي علي، مع فوارق خفيفة. ونظرا لكثرتها وتشعبها، ننتقي منها على الخصوص، عادات "أَمُشِي/ الخطبة"، و"ثَمْغْرَ"/ الزفاف"، و"سٍّبْعْ"/العقيقة"، و"لْعْدْلاَنْ/ الختان"... وسوف نفتتح هذه السلسلة بحول الله بالحديث عن الخطوبة . لحسن بن محمد انـــرز

ابحث في الموقع

النشرة البريدية