تامسومانت انرز

مْلِيدْ إِثِنْزَارْ خْوَانْثْ ثْمِزَارْ

بخصوص آستيطان أيت سغروشن سيدي علي بمنطقة “تيشكت” (جماعتا المرس وسكورة حاليا) أيت مخشون مخشون نموذجا-

بخصوص آستيطان أيت سغروشن سيدي علي بمنطقة “تيشكت” (جماعتا المرس وسكورة حاليا) أيت مخشون مخشون نموذجا

الخميس, مارس 24, 2022

مقدمة:

خلافا لما قد يعتقد ويشاع بخصوص أمية الأوائل وما قد يستنتج من ذلك من عدم اهتمامهم بتدوين معاملاتهم، فإنه يمكن القول أنه قل أن توجد عائلة بدون محررات موثقة لتصرف من تصرفات أوائلها كتقييد خاص بالأنساب، أو بنقل ملكية عقار عن طريق الميراث أو بعوض أو بدونه، أو بتسجيل أحداث خاصة بالروابط العائلية كالزواج، والطلاق، والتداين وما إلى ذلك… ولا شك أن كل ذلك من اللبنات والأدوات المستعملة في تشييد “صروح التاريخ”. فكما يقال “لا تاريخ بدون وثائق”.

باختصار شديد، تشكل تلك الوثائق “مناجم” من المعلومات لم يتم بعد الكشف عنها واستغلالها لمعرفة جوانب عديدة من تاريخ المنطقة، التي كانت ولا تزال على هامش عملية التدوين والتأريخ.

وما ذكر أعلاه ليس وليد التخمين والخيال، أو كلام نظري بعيد عن الواقع، وإنما نتيجة ملاحظات ملموسة بعدما سنحت الفرصة لعبد ربه بالاطلاع على الوثائق المتوفرة لدى حوالي سبع عائلات مخشونية. وهي وثائق، وإن كانت في أغلبها عبارة عن ما يسمى بـ”رسوم الملكيات” وما في حكمها، فإنها غنية بمعلومات سوسيو- ثقافية وسوسيو-اقتصادية، وقانونية وغير ذلك من الجوانب التي لم تقصد لذاتها وإنما تذكر على هامش الغرض الأصلي من إيجاد تلك المحررات.

والمنطقة التي ينصب عليها هذا البحث، هي التي يشكل فيها المرس قطب الرحى ونقطة الارتكاز، وذلك اعتبارا لمكانته التاريخية والروحية لدى قبيلة أيت سغروشن، دون أن يكون هناك إغفال لامتداداته الطبيعية والبشرية كلما دعت الضرورة إلى ذلك.

وأمام غياب المراجع والمستندات الموثوقة، فإنه لا مناص لنا من الاستعانة بالروايات الشفهية حين التعرض لبعض الجوانب التاريخية الخاصة بالمنطقة المذكورة، وبالتالي، سوف نحاول سردها كما تتداول تاركين النقد والتجريح جانبا لما قد يشوبها من نقائص أو ما يكون فيها من أمور غير مطابقة للمنطق أو غير متوافقة مع الفهم الصحيح للعقيدة وغير ذلك.

وانطلاقا مما سبق، فسوف نقوم، قدر المستطاع، بمحاولة “سبر أغوار” المتوفر من الوثائق و”استنطاقها” علنا نظفر منها بإفادات قد تكون مفيدة للدارسين والمهتمين بالتاريخ المحلي بمختلف فروعه، وخاصة في مجال أبحاث التخرج التي ينجزها الطلبة. وفي هذا الصدد سوف نتعرض بحول الله وعونه للجوانب التالية:

أولا- التعاقب والهجرات السكانية؛

ثانيا- الإجراءات الأمنية والدفاعية؛

ثالثا- مظاهر الخضوع والنفور للسلطة المركزية؛

رابعا- نظام التوثيق والقضاء؛

خامسا- نظام الزواج؛

سادسا- نظام المواريث؛

سابعا- النشاط الفلاحي؛

ثامنا- النشاط التجاري؛

أولا – التعاقب والهجرات السكانية:

سوف نعالج هذه النقطة من خلال البحث عن أمثلة ملموسة للتعاقب على امتلاك الأراضي في الحيز الجغرافي الذي نحن بصدد الحديث، أولا بين السغروشننين وغيرهم من المنتسبين للقبائل والفروع التي سبقتهم إلى ذلك الحيز، ثم ثانيا بين السغروشنيين فيما بينهم، أي التعاقب على الممتلكات العقارية بين أبناء الفروع المختلفة وفيما بين أبناء نفس الفرع وذلك من خلال العناوين التالية:

1- التعاقب فيما بين أيت سغروشن وغيرهم من القبائل والفروع؛

2- التعاقب فيما بين الفروع السغروشنية أنفسهم؛

3- التعاقب فيما بين أفراد الفرع السغروشني الواحد.

1- التعاقب فيما بين أيت سغروشن وغيرهم من القبائل والفروع:

قبل التعرض لأمثلة عن كيفية حلول السغروشنيون مكان غيرهم في الممتلكات العقارية التي يمتلكونها اليوم، فإنه لابد من المبادرة إلى التنبيه إلى أنه خلافا للقبائل التي تتحرك بقدها وقديدها، فإن جزءا كبيرا على الأقل مما يعرف بــ”قبيلة أيت سغروشن سيدي علي” قد نشأ وترعرع في عين المكان. فلا ننسى ما تقوله الرواية الشفهية بخصوص حلول سيدي لحسن بن مخشون وسيدي علي بن يحيى، اللذين على ما يظهر قد حلا بالمنطقة في زمن متقارب، واللذين تحالفا فيما بعد ليكونا ما يعرف بحلف “أيت لْعَهْد”. فبحسب المصدر المذكور، فقد قدم سيدي لحسن المذكور من الجنوب الشرقي، من منطقة أنوال بإقليم فجيج حاليا، ليحل ببلدة “تمغيلت” بقبيلة أيت أيوب حيث قضى هناك ما يكفي من الوقت لتكوين أسرة وولادة الأبناء وامتلاك عقار بحسب شهادة شهود مؤرخة في أول صفر الخير عام إحدى وخمسين ومائة وألف (1151) هجرية الموافق لشهر ماي 1738 ميلادية، وهذا نصها:

 “( بتر بسبب الأرضة) لله شهوده الموضوعة أسماؤهم عقب تاريخه يعرفون المرحوم بإكرام الله تعالى ( بتر بسبب الأرضة) الصالح السيد لحسن بن مخشون السغرشني من أولاد السيد أحمد بن علي  المعرفة التامة والكافية ( بتر بسبب الأرضة) ويشهدون مع ذلك بأنه كان يتصرف في الفدان من الأرض السقية الكائن ببلاد تمغلت بموضع يسمى عندهم تفطن اسم عجمي ولغة بربرية  محدود من القبلة  بالمقابر ومن المغرب ( بتر بسبب الأرضة)ايت يدير كيف امتد ومن الجوف  الخندق بأنواع التصرفات كلها بالحرث ( بتر بسبب الأرضة) وغيره أكثر من ثلاثين سنة (غير مفهوم) وجميع أيت لمعيز ( بتر بسبب الأرضة) لم يروا أحدا يقوم عليه في الفدان المذكور ولا نزاع ولا معارض في ذلك إلى أن توفي  السيد لحسن المذكور  وتركها لأولاده أكثر من ثلاثين سنة سلفت عن تاريخه وكل ذلك في علمهم وقيدوا به  شهادتهم مسموعة منهم في أول صفر الخير عام إحدى ومسين ومائة وألف.

( بتر بسبب الأرضة) الفقير يحيى بن عق الأيوبي ثم أقروري وولده حد بن يحيا النسب ولحسن بن حم النسب وعلي بن موسى النسب والفقير حد النسب والفقير لحسن  بن حم النسب والغير  اليدير النسب وعثمان اليدير النسب  والفقير إبراهم بن حد النسب والفقير عبد الله بن حم النسب  والفقير عبد السلام النسب  ورح بن بزيان النسب  ونقل عنهم نقلا تاما بعد إذنهم وتوديتهم عبد ربه  (توقيعا الموثقين)”

ونزول سيدي لحسن بن مخشون بـ” تمغيلت” وإقامته فيها لا يعني ذلك أنه لا ينتقل منها إلى أماكن أخرى. وبهذا الخصوص، فقد أظهرت وثيقة أخرى مؤرخة في أربعة عشر يوما من الربيع النبوي لعام أربعة وعشرين بعد المائة والألف (1124) هجرية الموافق لـ 21 أبريل سنة  1712 ميلادية أن سيدي لحسن قد تملك أيضا عقارين في كل من ” تَسْضْفَاشْتْ” و”وَاوْسَضْفَاشْ” بمنطقة “أَمَان إِلِيلاَ” التي تدخل ضمن المجال الترابي للجماعة القروية وقيادة سكورة مداز. وهذا نص تلك الوثيقة  التي لحقها ضرر بسبب الأرضة وعوامل الزمن:

” (بتر بسبب الأرضة) أشهد (بتر بسبب التآكل جراء الطي والتثنية) قير محمد بن عمر بن حج الجرامي (بتر بسبب الأرضة) ى شهيد (بتر بسبب التآكل جراء الطي والتثنية) يوم تاريخه أنه وفق للسيد  (بتر بسبب الأرضة)  شون السغروشني في أرض البعلية التي اشتراها السيد لحسن المذكور من الطالب رح بن سعيد بن حج الجرمي في ما سلف بتسطفاشت بأم تافين وتاغدى بووسطفاشت اغنوا عن تحديد الأرض المذكورة بعد  القبض من الفقير محمد بن عمر المذكور سبعة أواق دراهم سكية قبضا تاما باعترافه وأبراه من الأرض ومن العدة المذكورة إبراء تاما أشهادا صحيحا  عرف قدر ذلك وشهد به عليه وهو بحال كمال (بتر بسبب الأرضة) وعرفه  وف(بتر بسبب التآكل جراء الطي والتثنية) أربعة عشر يوما ربيع النبوي عام أربعة وعشرين بعد المائة والألف (ختم الكاتب) “.

ومن المعلوم أن حركة تنقل الرحل بين “تمغيلت” والمناطق المجاورة لها أو المشابهة لها وبين منطقة ما يعرف ب”أزغار” (السهل)، التي يشكل “أمان إليلا” جزءا منها، شيء مألوف ومتجدد آنذاك مع توالي الفصول. فالنزول إلى”أزغار” طلبا للكلاء يتم كل في فصل الشتاء، والصعود والرجوع إلى المنطلق أي إلى المرتفعات يتم مع نهاية فصل الربيع وحلول فصل الصيف، حينما ينتهي العشب في “أزغار”، وتتراجع الثلوج بالدوبان عن المراعي الجبلية المنتشرة حول جبل بويبلان مثل”مسكدال”.

وخلافا لما ثبت في هاتين الوثيقتين، اللتين لا يعرف بالضبط مصير العقارات المذكورة فيهما، والتي اقتنيت العقارات المذكورة فيهما خارج الدائرة الترابية لمنطقة المرس، فلم يثبت لحد الآن وجود ما ملك سيدي لحسن بن مخشون لأي عقار في المنطقة التي آوته حيا وميتا، أي دوار أيت مخشون ومحيطه القريب. والراجح أن ما فيها من أراض قد تم اقتناؤها من طرف أبنائه ثم من أحفاده وأحفادهم فيما بعد.

بقيت الإشارة إلى أن سيدي لحسن لم يكن المخشوني الوحيد الذي اقتنى أملاكا عقارية خارج الدائرة الترابية المذكورة. فقد ثبت كذلك أن ابنيه علي ويوسف قد قاما بنفس الشيء على التوالي في كل من “تمغيلت” من أيت عياض/ أيت أيوب الذين لا زالوا في عين المكان، وأمان إليلا من أيت يدير/ أيت جرايم الباقين هم الآخرين في عين المكان أو بالقرب منه وخاصة فيما يسمى بـ “تغروط” في الجنوب الغربي لبلدة “سكورة”/ وذلك ما تبينه الوثيقتان التاليتان:

” الحمد لله اشترى المرابط الخير السيد علي بن السيد بن مخشون اصغرشني ايت أحمد بن (بتر بسبب الأرضة/ الراجح أن ما نقص هو علي من ) البائع له أحمد بن صغير الأيوبي من أيت عياض جميع الفدان من الأرض السقية الكائنة (بتر بسبب الأرضة) بني أيوب في تمغلت في موضع  يسمى عندهم  تفطن اشترى نصف الفدان ((تلف بسبب الأرضة) ونصف الثاني اشتراه الفقير عبد الله بن عيسى  يحده من القبلة أرض  حد بن علي ومن (تلف بسبب الأرضة) أرض أيت لمعيز  ومن الجوف أرض البائع المذكور  ومن المشرق أرض أيت لمعيز وصفه يغني عن تحديده (تلف بسبب الأرضة) منافعه ومرافقه وحقوقه الداخلة فيها والخارجة عنها والمنسوبة إليه  اشتراء  (تلف بسبب الأرضة) تاما جائزا ناجزا بتا لم يتصل به شرط ولا ثنيا ولا خيار بثمن قدره ونهايته تلا(تلف بسبب الأرضة) أوقية دراهم فضة سكة تاريخه وزوج نعاج من الضأن واعترف البائع المذكور (تلف بسبب الأرضة) الثمن المذكور وبرأه إبراء تاما وتملك ذي المالك  الصحيح من ملكه  وتملك المشتري مشتراه  على السنة في ذلك والمرجع بالدرك بعد التقليب والرضى كما يجب عرف قدره وشهد عليهما بذلك  وهما  بحال كماله وعرفهم وفي أول صفر الخير عام إحدى وأربعين  (تلف بسبب الأرضة) وألف (1141) مجرية  موافق 6 سبتمبر  1728  ميلادية. توقيع الموثق متبوع بعبارة موثق آخر معرفا به: الحمد لله الخط  والوسم (تتمة غير مفهومة) متبوع بتوقيع المعرف”.

“(تلف بسبب الأرضة) أشهد محمد بن عبد الله بأبو القاسم اليدير ثم  الجرامي على نفسه (تلف بسبب الأرضة) يوم تاريخه أنه باع عن نفسه وعن إخوانه الثمانية عبد (تلف بسبب الأرضة) وفاطمة وصفية وتاتو وتلايتماس وزينبة وتونز ( تلف بسبب الأرضة) عائشة بنت حم بطيب وتكفة بنت لحسن أمصاح الجرامي بحكم توكيل بشهادة شهيديه للمرابط سيدي يوسف بن سيدي لحسن بن(تلف بسبب الأرضة) السغروشني من ءايت أحمد بن علي  جميع أرض البعلية الكائنة (تلف بسبب الأرضة) بني كرام بتسطفاشت بِتِنْزَرْ أُوفُونس باسم العجم والمجاورة (تلف بسبب الأرضة) الطريق ( غير واضح) ومن المشرق يحدها  أرض ( غير واضح) (تلف بسبب الأرضة) الجرامي ومن القبلة الحرش الذي أعلاها  ومن الجوف أرض (غير واضح) (تلف بسبب الأرضة) منافعها ومرافقها وكافة حقوقها كلها  بيعا تاما  لا شرط (تلف بسبب الأرضة) ولا ثنيا ولاخيار بثمن قدره مثقال دراهم سكة تاريخه وأنه (تلف بسبب الأرضة) جميع الثمن باعترافه وأبراه منه فبريء  وملكه الأرض  (غير واضح) (تلف بسبب الأرضة) تملكا صحيحا عرف به على السنة في ذلك والمرجع بالدرك م(تلف بسبب الأرضة) والرضى كما يجب عرف قدره  شهد به عليه وهو بحال كمال  (تلف بسبب الأرضة) وفي الثاني عشر يوما من ربيع النبوي عام أربعة وعشرين بعد المائة والألف (1124) هجرية موافق 19 أبريل 1712 ميلادية (توقيعا الموثقان)” 

وبخصوص موت سيدي لحسن بن مخشون، واعتمادا على محتوى الوثيقتين السالفتي الذكر وتاريخي تحريرهما، فالراجح أن تكون حوالي عام 1130 هجرية. أما فيما يتعلق بحياته سواء في منطقة “تمغيلت” أو في المنطقة الأخيرة التي آوته حيا وميتا، أي دوار/ مدشر أيت مخشون، فإننا نجهل عنها كل شيء ما عدا عن بعض كراماته وإشارة لصراعه مع أيت معزوز، وذلك من خلال محتوى نظم شعري بالأمازيغية على شاكلة ما يعرف ب “أَهَلَّلْ” أو “ثَيْفَّارتْ” لناظم غير معروف. وقد بدأ الناظم نظمه بالصلاة على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وجعل منها “لازمة” تكررت خلال مقاطع النظم، الذي نورده هنا كما تم تسجيله من فم عم الوالدة رحمهما الله. وكما هو معلوم، فاللازمة هي الجزء المتكرر من القصيدة أو النظم الشعري. وهي بمثابة التفعلة و”الميزان” والقالب الذي يصاغ على منواله الكلام الموزون ” المسكوب” في قالب النظم المعني، أو بمعنى أخر فهي بمثابة “لْغَ” في “إِزْلَانْ” أي الإنشاد والغناء المصاحب لرقصة “أحيدوس”، أو التي تنشد للتطريب الفردي والجماعي بدون الرقصة المذكورة. واللازمة في هذا النظم يتكرر مرتين بعد كل بيت:

“صَلِّ عْلَنْبِ يِيفْ مـَﭼْلاَّنْ أَيِمِنْوْ إِنِمْثْ إؤقَدَّاشْ

صل على النبي (أي الصلاة على النبي) ، أحسن من كل شيء، فالزم يا فمي ذكره فهو كافيك

أَسِيدِي لْحْسَنْ أَشْرِفْ لْحُرْ أَبُجَارْ نِسَفَّنْ أُمَنْخِشْ

يا سيدي لحسن، يأيها الشريف الحر، يا من يوجد في ملتقى  الواديان

رِّخَاشْ ثَدَاوْثِنْوْ خَارَاشْ اَدَنْخْ إؤطَوْضْ أُصَمِّيضْ

أسندت إليك ظهري فلا تترك البرد يصلني

أُرَاكْ إِزْمْ إِضَاعْشْ أُعْسَّ ثَمَارَنْوْ أَدَوْنْ جَّرْ ضَارْ

طوعت الأسد ، فهل ستعجك حاجتي؟

نَّنَانْخْ أُسِينْدْ  ثَنْدْرَا أَلِمَسْنَنْشْ أَشْرِفْ لْحُرْ

قيل لنا أنه (الأسد) قصد، وهو يزأر محراثك يأيها الشريف الحر

يَنْ أَمْ إِزْيَرْنْ أَدَّايْمْسَآسَانْ أَلْسْغُدَانْ ثَحَرَّاتْ

تصرف (الأسد) تَصَرُّفَ الثور الذي يجر المحراث بانسجام مع نظيره

أُسِينْ ثَلْفْسَا إيَاتْ دَشْبِيُّ أُرِحَيِّرْ

حول أفعى بكرة للربط في المحراث

يُوسْيْ إِفِغْرْ إِجْثْ  دَزلأَّضْ أَلِسْنْ إتنداهْ

حول ثعبانا عصا يهش به

أُرِنِّ دْلُحُوشْ لَبَدْ إِيُونْ أَتِغْدَرْ مَيْسَاسْ رْثَانْ

لم يخلد بباله أنى حيوانات قد تفتك به

أَوَدَلْبُرْهَانْ أَيْدْسْضْهَارْ إِجُّهَالْ مَشَاوْرَاسْ إِخَاصْ

لم يقم بذلك إلا ليبرهن للجهال على ما حباه الله من كرامات

وَرْثِيِ وْمَعْزُوزْ دَوْعْنِي أَلِّيَسَن إِسِّلْيْ أَيْضْرُورْ

لم يعره بني معزوز التقدير حتى ذاقوا بأسه

إِكَّالْ إِتْعَدَّاخْسْ  أَزْﭼَّايُجَّ  ثِزْيَرِينْ تِغَمَّ

لم يكف عنه أداه حتى بقراته أثكلها

أَهَيْشْفَاسَنْدْ سِيدي وَمُولاَنَا ثَمُرْغِ خَسْثِوْزْضُوضْ

وقد أرسل إليهم سيدنا ومولانا (أي الله) طيور الورشان كالجراد

إِوْشَسَنْدْ لُبَا سَلْمَرَّاثْ ثْخْلَ ثْغْرَنْثْ أُرْيَسَّبِّعْ

ابتلاهم (الله) بالوباء مرة تلو الأخرى فأصبحت قلعتهم مهجورة

أُرِسِّينْ حَدْ إِيِضْ أَيُوِيينْ أَلاَدَسْ وْرْيَثْنِيدْفُّ

لم يصبحوا ولم يعرف أحد متى رحلوا

أَمُولاَيْ مَحَنْدْ لْعَرْبيِي ثَسَرُوتْ نِمِنْوْ أَيْثْيِيثْ

أمولاي محمد العربي ذكرك لهج لساني

سيدي لحسن أُنَّيْنَّانْ أَجَّانْ عْلَخِيرْ إِزُرْثَنْ دَيْبَعَّتْ أُلِّيْصَبَّرْ وَالُوا

من أراد السلامة فليز سيدي لحسن وليبتعد فإنه صبره ينفد

سيدي لحسن أَمْوَسِفْ أَدَّيْدَكَرْنْ أَوَارْ نِّيثْ أَكَاسْيَنْثْ لْمُوجَاثْ حَيَّدْ يِفَاشْ

سيي لحسن كالسيل يا أقبل فابتعد يا سيء النية

سيدي لحسن أَمْيِزَمْ وَنَّخْفْ إِنْدَرْ أثِبَرْنِ  وُلَنْسْ أَثِنْ أثْسْرُحْ إِوَشَالِ

سيدي لحسن كالأسد، حين يزأر يفتك بمن أغضبه “.

كان هذا عن قدوم سيدي لحسن عن المنطقة. أما سيدي علي بن يحيى، فإن وروده عليها كان قد تم من الغرب، وذلك بحسب ما وثقته الرواية الشفهية المتناقلة حول الموضوع. وخلاصة ذلك فيما يلي منقولا عن موقع إلكتروني:

“ومهما يكن فسيدي يحيى توفي وعاد ابنه سيدي علي خارجا من مدينة فاس .وقبل وصوله مر بأراضي أبناء عمومته، آيت علي أويوسف فنزل بموقع يقال له” سهب العيا” فسأل عن إسم الموضع فأخبروه باسمه فقال عنه “إنما هو سهب الخلا” واتبع سيدي علي طريقه إلى أن وصل “تلات نسال” التي قال عنها “هرب لا تسال” ثم رحل وبرفقته رجال من آيت علي أويوسف إلى عائلته ،وبعد رحلة طويلة استقر بمنطقة تابوجبرت ،التي قال عنها “هنا تجبر ولادي”،وبالفعل فذريته هي التي تقطن حاليا بهذه المنطقة ،إلى أن إسكورن رفضوا بقائه بالمنطقة وقرروا طرده، إذ يعتبرونه مجرد قاطع طريق .
وفي الوقت الذي كان فيه سيدي علي ،يحيي سنة سيدنا إبراهيم لنحر أضحية العيد ،فوجئ بهجوم اسكورن عليه ،وفر مسرعا حاملا أضحيته على الفرس متجها نحو منخفض سكورة ،وبعد توقف لمدة دقائق تبين ان أهل سكورة لا زالوا يلاحقونه عازمين كل العزم على إخراجه من أراضيهم ،وهكذا ظلوا يطاردونه إلى أن عبر جبل تيشوكت في اتجاه الجنوب فدعا لهم بالدعاء المأثور عند العامة :”اللهم أنزل عليهم-اسكورن-أزقور نايت داوود ما يهز ما ينز” وهكذا ظل اسكورن مستهدفين من طرف آيت داوود أوعلي الأقوى منهم.
وخلال هذه المطاردة توقف سيدي علي سبع مرات قبل الوصول إلى منطقة سيدي حساين بتيشوكت والتي قال عنها ” إنها كالبغلة الزرقاء ،رزقها قريب وشرها بعيد،عليها اغرس أولادي”.استقر سيدي علي بسيدي حساين وخلال مقامه نزلت عليه المنزولة التي تسمى بزاوية 18 ضامن، وهي عبارة عن خيمة متنقلة ،واجتمع الناس من حوله بل وفاقت شهرته جبال تيشوكت ،وجاءته القبائل من بعيد مثل قبائل آيت النظير من ناحية الحاجب” . http://patrimoine-de-talsint.blogspot.com/2014/08/blog-post_87.html  

وعلى ما يبدو فإن رصيد سيدي علي بن يحيى من الأملاك العقارية لم يكن هو الآخر بأحسن حال من رصيد معاصره وحليفه ومتعهده سيدي لحسن بن مخشون؛ وبالتالي فإنه يصدق على أبنائه وأحفاده ما قيل عن أبناء وأحفاد سيدي لحسن المذكور فيما يخص تكوين الرصيد العقاري الذي يعيشون اليوم في حيزه .

وهكذا يظهر أن كلا من سيدي علي وسيدي لحسن قد كونا أسريهما في عين المكان بالتدريج، وانتظرا ما يكفي من الوقت قبل أن يشتد عودهما وعود أعقابهما للدود عما في حوزتهما وحوزة أعقابهما. وبناء على ذلك، فلا يستقيم الظن أنهما استوليا على ما كان في حوزتيهما بالغصب والقوة. فلم يكن هناك من سبيل للحصول على ما في حوزتهم وحوزة أبنائهما وحفدتهما إلا بالشراء أو عند الاقتضاء،  بالإحياء للموات من الأرض التي لا يعرف أصلها. والدليل على ذلك ما يوجد في حوزة العائلات السغروشنية من وثائق البيع والشراء وما ذكر فيها من أوصاف تنم عن مصدر بعض العقارات مثل عبارة ” ليسير” المحرفة لكلمة ” التكسير”، التي تعني: إزالة النباتات وتفتيت الصخور لإعداد الأرض واستصلاحها وتهيئتها للاستغلال الفلاحي بالزرع والغرس. وتجمع كلمة “ليسير” على “ليساور”، أي الأراضي المستصلحة، وتقابلها بالأمازيغية “ثَرَزِّيتْ”التي تجمع على “إرزان”.

وانطلقا مما سبق، ومن خلال الاطلاع على نماذج من “الرسوم” (الوثائق) الخاصة بالبيع والشراء، يتبين أن فضاء المنطقة ربما كان على مر العصور مسرحا لتعاقب عدد من القبائل والفروع. أو بصيغة أخرى، قد شهد حلول وأفول عدد من المكونات البشرية قبل أن يحل السغروشنيون فيه، وخاصة المنتمين منهم لما يعرف بـ” قبيلة أيت سغروشن سيدي علي”. هذه الأخيرة التي يتشكل عمودها الفقري من فروع حفدة الولي الصالح سيدي علي بن يحيى، والتي تضم أيضا باقة من مكونات نسبية أخرى منحدرة من جذور متعددة أمثال الصلحاء: سيدي لحسن بن مخشون المدفون في دوار/ مدشر أيت مخشون؛ وسيدي امحمد السبع، المدفون في بلدة “دويرت السبع”، بدائرة “بني تجيت” بإقليم فجيج؛ وسيدي صالح، الذي يوجد ضريحه في نواحي “النجيل”؛ وسيدي يعقوب (بالنسبة لأيت الب علي) المدفون ببلدة “الرشيدة “بنواحي مدينة “دبدو”.

ومن الأمثلة على توالي القبائل والفروع القبلية على المنطقة التي نحن بصدد الحديث عنها، ذكر أسماء تلك القبائل أو الفروع في بعض الرسوم مثل “أيت معزوز” و”أيت يوسف أصالح”، و”أيت حمامة” و”أيت يحيى” و” أيت سليم” و”أيت لمان”. وقد جاء ذلك إما في إطار التعريف بالمفوتين لعقاراتهم للملاك الجدد من أيت سغروشن، أو في نطاق التعريف بالمجاورين للممتلكات المفوتة. ومن الأمثلة على ذلك، ما جاء في عقد شراء تم في أوائل صفر الخير عام سبعة عشر ومائة وألف (1117) هجرية  الموافق لـشهر ماي 1705 ميلادية بين يتامى السيد علي بن يحيى السالف الذكر السيدين حدو (أحمد) وعلي من أيت حمو بن يحيى، وأشخاص من “أيت معزوز”، يتخلى بموجبه هؤلاء الأخيرين عن أرضهم الممتدة من “سهب بوخاموج ” (شعب بوخاموج) جنوبا وشرقا إلى “تجديت” (في منطقة أيت يوسف حاليا) شمالا، مرورا بمرتفع “تسنفلت”، لفائدة اليتامى المذكورين. و من بين ما نص عليه ذلك العقد، إضافة إلى إنساب البائعين إلى “أيت معزوز، ذكر “أيت يوسف أصالح” ضمن حدود الأرض المباعة من ناحية الغرب.

فمن هم يا ترى “أيت معزوز” و”أيت يوسف أصالح ” المذكورين في تلك الوثيقة؟

ومن الأسئلة التي قد تثيرها كلك هذه الوثيقة: هل كان هناك بالفعل أخ لسيدي علي بن يحيى يسمى بـسيدي امحمد بن يحيى؟ وهل من اليتيمين المذكورين انتسل كل أيت حمو يحيى؟ بمعنى آخر، هل هذا الفرع، أي أيت حمو يحيى أبناء عمومة أحفاد سيدي علي بن يحيى؟ أسئلة قد تجيب عنها وثيقة أو وثائق ما في حوزة شخص أو عائلة ما في يوم ما !!!

وفي عقد آخر خاص هذه المرة بشراء أحد أبناء سيدي لحسن بن مخشون لأرض في “بوخاموج” المذكور، نجد أن سيي علي هذا قد اشترى من شخص من “أيت سليم” من “أيت جافر”. ومن بين الأماكن المجاورة للأرض المشتراة تلك،  “تغيت ايت حمامة” من الغرب، و”أرض أيت لمان” من الجنوب، و”تغزوت أيت يحيى” من الشرق والقبلة. والعقد المذكور، مؤرخ في الثامن والعشرين من المحرم الحرام عام ثلاثة وثلاثين بعد المائة والألف (1133) هجرية، الموافق لـ شهر نوفمبر سنة 1720 ميلادية.

إضافة إلى ما سبق، هناك وثيقة أخرى باع بمقتضاها شخص، نعث بـ ” السليمي التمامي” وابنه، أرضا لأحد أحفاد سيدي امحمد بن سيدي علي بن يحيى السابق الذكر بـالمكان المسمى “لمدور حوز سيدي لحسن أمخشون”. وقد تمت الصفقة في أوائل ذي القعدة عام خمسة عشر ومائتين وألف (1215) هجرية، الموافق لشهر مارس 1801 ميلادية.

والجدير بالذكر أن المكان المذكور في هذه الوثيقة قد أصبح اليوم كله في ملك أحفاد سيدي لحسن بن مخشون المذكور، مما يؤكد توالي انتقال الملكيات العقارية في بادئ الأمر من الغير لأيت سغروشن ثم من بعد فيما بين بعض فروع هؤلاء، ثم من بعد ذلك فيما بين المنتمين لكل فرع فيما بينهم. 

فمن هم يا ترى الفروع المذكورة في الوثائق الثلاث السالفة الذكر، أي “أيت معزوز وأيت “يوسف أصالح”، وأيت سليم؟ وهل لا زال لهم وجود وذكر بالمنطقة أو نزحوا عنها في اتجاه أو اتجاهات أخرى؟

فبالنسبة لــ”أيت معزوز” وبحسب الرواية الشفاهية، فقد نزحوا عن المنطقة التي كانت لهم فيها قصبة مهمة ومحصنة، أو بالتعبير المحلي “ثغرنث” ( أنظر ألرابط التالي:http://www.tamsomant.com/معالم-آيت-مخشون/بصمات-من-ماضي-منطقة-أيت-مخشون/

إلى وجهة غير معروفة. وقد كان ذلك بسبب المجاعة التي ألحقتها بهم طيور”الورشان”، ( palumbus  Pigeon ramier (Columba، المشهورة محليا باسم “أَزْضُوضْ” للمفرد المذكر، و”ثَزْضُوتْ” للمفرد المثنى، و”إِزْضُوضَنْ” للجمع.

وبحسب نفس المصدر، فقد كانت تلك الطيور تتلف جميع مزروعا تهم ومغروسا تهم. وإذا ما اصطادوها بغرض الانتفاع بلحومها، يتفاجؤون بعد صلاحيتها للاستهلاك. وإذا ما صدقنا تلك الرواية، فما ذلك إلا عقابا لهم من الله وانتقاما منه لوليه سيدي لحسن بن مخشون الذي كانوا يناصبونه العداء، واستجابة لما دعا به هذا الأخير عليهم. وقد تم الدعاء المذكور، بحسب الرواية المذكورة، بحضور الحليف سيدي علي بن يحيى الذي كان يِؤمن على ذلك الدعاء، أي يقول آمين. وقد صيغ ذلك الدعاء في قالب شعري زجلي امتزجت فيه الفصحى باللسان المغربي العربي الدارج والأمازيغي. وهذا مستهله:

بـــــسم الله ولجنا    وبـــالله خــــرجنا

عـــــــليه تــوكلنا    في جمـيع مـــردي

يــا رب ســـألتك     بجـــــــاه نـــــبيك

محــمد رســولك    الـعربي محــــمدي

اسمه مـع اسمك    مـــقرون فـي عــرشك

مـكـتوب بــقلمك    للأبد الأبــــدي

ومما جاء فيه أيضا:

” مـا نـــنقص ولا نـزيـــد     فـــي مـلكك يــا وحــيد

تأتي بخـلق جـديـــــد           وتـذهب مــــن ذا الــذي

نـطـقني قــولا يــليق           يــا كــبير يـا خـــليـق

تهـديـنا للطـريـق               لـلطــريــق السددي

يــا حـــفيظ يـا مــغيث        أغثنا يــا مـــغــيث

تــفــعل بعبدك مـا شـئت      دمـــر عــني حـــسدي

رب دمــرهم تــدمــــير       واعـمـلهم فـوق الطـنجـيـر

مـن فـوق وتحـت زمهرير   نـار حطبـها وقـدي

يــطيـح مـن فـوق أجـديـر    يلتقوا بفـــم الـبـيــر

ألــف قـام فــيه حفير          مــن تـحـت جـــرف ودي

طيـح عــليهـم سـحقـــا       حـتى واحـــد مـا يبـقــى

فــي دعــائهــم نـشقـى       حـتى يـــوف مــــرادي

دمـر هـادك الظلام           يـنتـم فــي هـاذ العـام

ما يحـضر لهـم سـلام        بحـــــرمة محـــــمدي

بـــلاؤهـم مســـتعــجل       جــاءهم طــلق الـــسبيل

يــأخـذهم أخـذا وبيــــل      بــأمـــر المنفذ

فـــأصـــبحوا لا تـــرى      ديــارهــم قفرى

ضــربــتهـم لخـسارة        مــا يـبقى مـنهم غـادي”

وفي هذا الرابط النص الكامل لهذا الدعاء:

http://www.tamsomant.com/معالم-آيت-مخشون/روضة-ضريح-سيدي-لحسن-الجزء-الثاني/

وفي محاولة لتعقب آثار”أيت معزوز” طرحت اسمهم في محركات البحث على “الشبكة الدولية للمعلومات”، المعروفة أيضا بـ”الشبكة العنكبوتية” أو بـ”الأنترنيت”. وكان من نتائج ذلك عدم العثور على أي ذكر لـ”أيت معزوز”. وكل ما تم الظفر به هو  وجود دوار باسم “أولاد معزوز” بجماعة زمران الشرقية، إقليم قلعة السراغنة،  في المملكة المغربية.   https://ar.wikipedia.org/wiki/أولاد_معزوز_(أولاد_سعيد).

وكتفسير لغياب المعلومات عن “أيت معزوز”، قد يعود ذلك لانقراضهم والبقاء لله؛ وقد يكون بسبب تغيير أو تحريف لاسمهم مع مرور الزمان وتعاقب الأجيال؛ وقد يعود لاندماجهم في فرع آخر أو قبيلة أخرى، مما قد يؤدي إلى انصهارهم فيه أو فيها لدرجة قد ينطمس معها ذلك الاسم.

وما قيل عن مصير “أيت معزوز” يقال كذلك عن مصير “أيت يوسف أعلي”، رغم أننا لا نعرف عنهم إن كانوا قبيلة، أو فرعا، أو فقط مجرد عائلة أو عشيرة من فرع أو قبيلة ما.

أما بخصوص “أيت سليم”، فكما ذكر في تلك الوثيقة، فقد تم إلحاقهم بفصيل “أيت جافر” المتفرع عن “أيت تمامة”، إحدى القبائل أو الفروع الداخلة ضمن مسمى مرموشة. وهم في ذلك سيان مع جيرانهم “أيت لمان”. فكليهما جزء لا يتجزأ من مرموشة.

والجدير بالإشارة إلى أن هناك دوار بنفس الاسم، أي “أيت لمان”، في جماعة سيدي سليمان مول الكيفان التابع لعمالة مكناس.

وهكذا نرى أن تراجع كل من ” سليم /أيت جافر” و”أيت لمان” عن المناطق التي تتواجد فيها العقارات المفوتة منهم لم يكن بعيدا عنها، وإنما مجرد تقهقر بعدة كيلومترات وانحصار نحو الشرق والشمال الشرقي. فأراضي “أيت جافر”و”أيت لمان”، شانهما في ذلك شأن أراضي “أيت موسى”، وأيت أمار”، لا زالت متاخمة للأراضي السغروشنية. بل أحيانا متداخلة فيما بينها عبر الشريط الحدودي لقبيلتي أيت سغروشن وقبيلة أو قبائل مرموشة انطلاقا من الجنوب الشرقي على مستوى “تمسوال” بالنسبة لأيت عبد الله من أيت سغروشن، وأيت موسى بالنسبة لمرموشة، مرورا ب”إسوشا/ إسوكا” بخصوص أيت أحمد و أيت أمار، وصولا إلى كل من الهضاب المتصلة غربا بمرتفع ” بويملالن”، ثم “أنفيف” و”السريج” بالنسبة لأيت مخشون وأيت أحمد وأيت يوسف من الجانب السغروشني وأيت جافر من قبل مرموشة.

أما بخصوص “أيت حمامة” و”أيت يحيى” فلا يمكن الجزم ببقائهم في المنطقة أو بالابتعاد كلية عنها. فتشابه أسماء القبائل والأجزاء المتفرعة عنها لا يساعد على ذلك. فاسم “أيت حمامة” مذكور في المنطقة وفي غيرها. وكذلك الشأن بالنسبة لـ”أيت يحيى”.

فبخصوص أيت “حمامة”، فقد جاء ذكرهم في وثيقة مؤرخة في شهر ذي الحجة الحرام عام أربعة وثلاثون وثلاثمائة وألف (1334) هجرية الموافق لشهر سبتمبر 1916 ميلادية، وذلك في معرض التعريف بالشهود الموثقين للصلح الذي تم بين جد عبد ربه، السيد امحمد بن أحمد الملقب بالمقدم الصغير، وبين جماعة “أيت أمار” من قبيلة مرموشة لتسوية نزاع بينهما. فمن بين الحاضرين الشهود على ذلك الصلح، شخص ينسب إلى أيت حمامة. ولما اطلعت على ذلك في الوثيقة المذكورة، قلت في قرارة نفسي هذا يعني أن “أيت حمامة” لا زالوا في المنطقة وأنهم ربما مكون من مكونات مرموشة.

وبالفعل، وبحسب ما أكده أحد أفراد عائلة جافرية (نسبة إلى أيت جافر) ممن تحادي أراضيها أراضي العائلة (أي عائلة عبد ربه) فيما يعرف بــ “تلعينت تملالت” بالقرب من “أنفيف” و”السريج” السالفي الذكر فـ “أيت حمامة” لا زالوا ضمن مكونات مرموشة، وبالضبط ضمن “أيت تيشوت” المتفرعين عن “أيت تمامة”. ولكن، ونظرا لكشف محركات البحث في الشبكة الدولية للمعلومات عن وجود اسم “أيت حمامة” في عدة مناطق من المغرب، منها منطقة “اتزر” بإقليم “ميدلت”، و”أيت “إيكو/ إيشو”بإقليم الخميسات، فلا يمكن الجزم بأن “أيت حمامة” الذين نسبت إليهم “تغيت أيت حمامة” المذكورة هم نفسهم الذين لازال أحفادهم في “ثيشوث” السابق ذكرها كذلك. وتبعا لذلك، فيمكن التساؤل عن العلاقة التي قد تكون بين أيت حمامة المرموشيين وأيت حمامة في منطقتي “إتزر” و”أيت إيشو/إيكو”؟ الجواب قد يوجد عند باحث مهتم بالموضوع.

وفيما يتعلق بـ”أيت يحيى”، فوجود فرع “أيت يحيى” ضمن الفروع المنتسلة من سيدي علي بن يحيى، نسبة إلى ابنه يحيى، قد يوحي بأنهم هم المقصودون في تلك الوثيقة. إلا أنه نظرا للتاريخ الذي حررت فيه الوثيقة المعنية، فمن المستبعد أن يكونوا هم المقصودون بذلك. ففرع أيت يحيى المنتسلين من سيدي علي بن يحيى لا زال آنذاك في طور النشأة والتكوين وبالتالي لم يرق بعد إلى مصاف الفروع والقبائل التي بإمكانها أن تمتلك مساحات مثل مساحة “تغزوت أيت يحيى” المذكورة. بقي التفكير إذن في المكونات البشرية الأخرى التي تحمل نفس الاسم. وذلك ما يحتاج إلى المزيد من البحث والتنقيب.

وما دام الشيء بالشيء يذكر، فلابد من استحضارنا هنا لما ترويه الرواية الشفاهية بخصوص علاقات متوترة أخرى في نفس المنطقة. ويتعلق الأمر هذه المرة بالصراع الذي كان قائما بين “أيت بلقاسم” وسيدي علي بن يحيى. فهؤلاء، كما تذكر تلك الرواية، ليسوا أكثر تقبلا ولا ترحيبا بوفادة سيدي علي المذكور على المنطقة. فقد كانوا لا ينظرون إلى حلوله بها بعين الرضاء، مما جعلهم يناصبونه العداء ويعتبرونه مجرد قاطع للطريق. وهم في ذلك مثل “أيت معزوز غريمي سيدي لحسن بن مخشون في الشمال الشرقي للمرس الحالي.

فمنهم إذن “أيت بلقاسم”؟ وأين كانت وجهتهم بعدما رحلوا عن المنطقة المتحدث عنها، وخاصة من منخفض “لجوا” الشهير بخصوبة أراضيه ؟

فبخصوص علاقة “أيت بلقاسم” بمزارع “لجوا” المذكورة، وبحسب ما أفادني به عم الوالدة رحمهما الله، فقد بقيت معالم أحواض مزروعاتهم، وخاصة أحواض البرسيم، ظاهرة للعيان لمدة طويلة إلى أن شاهدها هو الآخر بأم عينيه في مقتبل عمره. وقد توفي العم المذكور سنة 1992 ميلادية عن سن تجاوز القرن.

وجوابا على السؤالين المطروحين حول هوية ومقصد “أيت بلقاسم”، فالرواية المذكورة لم تذكر شيئا لا عن نسبهم ولا عن مقصدهم الجديد. ونظرا لتواجد تجمعات سكنية تحمل نفس الاسم في عدة أماكن من المغرب مثل ضواحي “إيموزار كندر”، وبالقرب من مدينة “تيفلت، بإقليم “الخميسات”، وفي إقليم “تارودانت”، فمن الصعب الجزم برأي دون غيره، وإن كان الأرجح أن يدخلوا كلهم، أو على الأقل جزء منهم، ضمن الفروع السغروشنية وأن يكونوا قد نزحوا منطقة “إيموزار كندر” وإلى قبائل زمور.

2- التعاقب فيما بين الفروع السغروشنية أنفسهم:

إذا كانت المقاطع السابقة مخصصة لمحاولة مناقشة كيفية حلول ملاكي أيت سغروشن مكان غيرهم ممن كانوا ينتسبون للقبائل والفروع التي سبقتهم إلى المنطقة، فإننا سنحاول في المقاطع الموالية، التعرض للتعاقب الواقع فيما بين الفروع السغروشنية أنفسهم”. وسنعتمد بهذا الخصوص، على بعض الوثائق التي نقدر أنها تشكل نماذج دالة ومعبرة على ما نحن بصدد الحديث عنه. ومن ذلك، الرسوم التالية:

الرسم الأول خاص بشراء أحد أحفاد سيدي علي بن يحيى من مجموعة من أحفاد سيدي لحسن بن مخشون جميع بلادهم الكائنة لهم في المكان المعروف بـ”تغيت”. وهذا نصه:

“الحمد لله اشترى سيدي سعيد بن يوسف السغروشني من البائعين النفر الأربعة  وهم السيد أحمد بن محمد السغروشني ثم المخشوني وشقيقه محمد وأخيهم عبد الهادي كلهم أولاد الأب المذكور وأمهم رحم بنت لحسن جميع بلادهم الكائنة لهم في تغيث ورثوها من أخيهم  عبد القادر بن الأب الهالك عفا الله عنا وعنه على ثلاثة مواضع يحد الوضع الأول قبلة ( بياض) وشرقا الساقية وغربا ملك ورثة السيد عبد الله بن سعيد  وجوفا ملك السيد (بياض) في القديم والموضع الثاني يحده قبلة ملك أيت سعيد في القديم وشرقا الطريق وغربا الشعبة وجوفا أڨدم ويحد الموضع الثالث الشعبة الصغيرة وشرقا الطريق وغربا الحدود وجوفا بادر وتسميتها أغنت عن اسيفاء حدودها بجميع منافعها ومرافقها وكافة حقوقها كلها الداخلة فيها والخارجة عنها اشتراء صحيحا جائزا ناجزا مبرما بتا مبثولا لم يتصل به شرط يفسده ولا جهل يبطله ولا ثنيا ولا خيار بثمن قدره ونهايته تسعة مثاقل دراهم سكة التاريخ معاينة وبقيت في ذمة المشتري خمسين أوقية في ماله وذمته وأبرئت ذمة المشتري من الأربعة مثاقل إبراء تاما  وبرء وتملك المشتري المذكور مشتراه ونزل فيه منزلة البائعون المذكورون وحل فيه محل البائعين مثل ذي المال في ماله وذي الملك الصحيح في ملكه على السنة في ذلك والمرجع بالدرك بعض التقليب والرضى والحوز وعدم الجهل بين الجانبين كما يجب عرفوا قدره شهد به عليهم بإكمال وعرفهم في شهر الله رمضان المبارك عام إثنين وأربعين ومائتين وألف (1242) هجرية موافق مارس1827 ميلادية (عبد ربه علي بن عبد القادر الرشيدي).

أما الرسم الثاني، فهو يوثق لانتقال الملكية من أشخاص من أيت حمو يحيى إلى ملاك جدد من حفدة سيدي سعيد بن سيدي لحسن بن مخشون ومن معهم. وربما يتعلق الأمر بالملك المنتقل بالشراء من “أيت معزوز” إلى يتيمي سيدي علي بن يحيى السالفي الذكر. وهذا نصه:

“الحمد لله اشترى السيد محمد ضما بن لحسن السغروشني ثم المخشوني وشقيقه السيد محمد فتحا بن الأب المذكورأثلاثا  بينهما في الثمن والمثون مع السد محمد  قشان والسيد مَحمد  بالصث في صفقة واحدة وعقد واحد من البائعين لهما  النفر الثمانية رجال وهم السيد محمد بن سعيد السغروشني ءايت حم يحيى وأولاد إخوانه  السيد عبد الرحمن  وأخيه أحمد والسيد مَحمد بن لحسن  والسيد عبد الوهاب بن عبد القادر  بن علي  والسيد أحمد  بن التهامي  نائب عن نفسه  وعن إخوانه  في البيع  وقبض الثمن  والسيد يوسف  بن علي  والسيد محمد  كلاهم أولاد  الأب المذكور  والسيد يحيى بن علي  جميع بلادهم  البعلية  والسقوية  التي في الشياع  مع إخوانهم  ءايت حمو  يحيى  الكائنة  عندهم في تغيت وقدر واجبهم  النصف  في البلد المذكورة  متفرقة الأماكن  يحد الموضع الأول  سقيا  قبلة الواد الجاري  وشرقا السيد يوسف  بن سعيد  وغربا الساقية  القديمة  وجوفا  السيد حم قس ويحد القطعة الثانية  قبلة  الواد المذكور  وشرقا حم  أقس أيضا وغربا الساقية  المذكورة  وجوفا السهوة  بينه وبين أيت عبد الله أحم  ويحد القطعة الثالثة  تحت الناذر الذي هناك  قبلة الواد  المذكور  وشرقا  حم قس وإخوانه وغربا الساقية أيضا وجوفا  ورثة السيد  عق  وعلي  وغربا  الساقية أيضا وجوفا ورثة السيد  عقى بن علي  وغربا الساقية  أيضا وقطعة أخرى  مجاورة جنان  السيد مَحمد بن سعيد  المدعو بزعكان وتسميته أغنت  التحديد وقطعة أخرى  موالية للسد الذي تسقى به البلاد  يحدها قبلة  الواد وشرقا  حم لحسن وعربا الواد  وجوفا عين الحجر المدعوة عندهم عين أزر بلغة العجم  ويحد البلاد البعلية  قبلة الساقية  القديمة  وسر مع الساقية  إلى سد يوسف بن سعيد  المذكور أعلاه  وشرقا ملك  المشتري المذكور كيف هبط إلى الواد  المذكور واطلع  مقوما إلى  الشعبة التي بينه وبين  أولاد  السيد مَحمد  بن بلقاسم  واطلع مع الشعبة  ‘لى الكركور  الذي هناك  وتسمنت التي هناك  داخلة في الشراء  وشرقا  شعبة الصفاح  مجاورة الدشرة  واطلع مع الشعبة  إلى الجرف الكبير الراقب على البلاد  وسر مع الجرف  إلى الحدود التي هناك بينه وبين أيت سيدي لحسن بن امحمد واهبط مع الحدود  إلى عين الحجر  المذكورة  الذي فوق السد واقطع الواد  وسر قواما  إلى الكدية العلية  وسر مقوما  إلى الشفق  الراقب  على بخموج  وسر مع الشفق  المذكور  إلى بلاد السيد يوسف بن سعيد  وشرقا أزمام  بينهما وبين يوسف بن سعيد  المذكور واهبط مع الحدود  إلى الواد  الجاري  واطلع مع الواد  المذكور إلى السد  الذي يسقى به البلاد  بجميع منافعها  ومرافقها  وكافة حقوقها  كلها  الداخلة  فيها والخارجة  عنها  ونصف الماء  في السد المذكور  اشتراء صحيحا جائزا ناجزا  مبرما  بتا مبتولا لم يتصل به شرط يفسده ولا جهل يبطله بثمن قدره ونهاية الجميع  أربعة وستين مثقالا دراهم سكة تاريخه  قبضوها البايعون المذكورون قبضا وافيا  معاينة  من يد المشتريان  المذكورين وأبرأت ذمتهما  من الثمن  المذكور  إبراء تاما  فبرءا وتملك المشتريان  مشتراهما  ونزلا فيه منزلة البائعين  المذكورين وحل فيح محل  ذي المال في ماله  وذي الملك الصحيح  في ملكه  على السنة في ذلك  والمرجع بالدرك بعد التقليب  والرضى  كما يجب  عرفوا قدره  شهد به عليهم بأكمله  وعرفهم  في إحدى وعشرين  من المحرم الحرام فاتح أثنين وثلاثين ومائتين وألف  (1232) هجرية، موافق نوفمبر 1816. عبد ربه توقيعات الموثقين ونائب قاضي الجماعة بأيت علاهم “. 

أما الرسم الثالث فيختص بالصفقة التي تمت بين أحد أحفاد سيدي يوسف بن امحمد بن سيدي علي بن يحيى وبين جد عبد ربه وأخويه محمد وعبد الله، وهم بطبيعة الحال من أحفاد سيدي سعيد بن سيدي لحسن بن مخشون في أماكن شتى كان البائع نفسه قد اقتناها من قبل من أحد حفدة سيدي امحمد بن سيدي لحسن بن مخشون. ونصه كما يلي:

“الحمد لله اشترى السيد مَحمد فتحا وأخيه محمد وأخيهم عبد الله أولاد لمقدم من فريق أيت مخشون من البائع لهم الشيخ أحمد بن محمد بن لحسن من فريق أيت يوسف بلده التي ملكها  بالشراء من عند عق أمسعود وأخيه يوسف على تسعة مواضع فالموضع الأول تغد فوق أخليج أبن سعيد وموضع أيضا تغد الغالغ وأيضا فدان العقبة والمرجع في القسمة مجاورة الحاج والمرجع أيضا في السيد لحسن فيها الصفصاف والمرجع فيها الدوم والبلد المجاورة التي قبضها  في الدية من عند أيت سعيد والثلث في الدهرت وتغدوين في المدور مجاورة النادر فوق السدرة بجميع منافعها  ومرافقها  وكافة  الحقوق كلها  الداخلة فيها والخارجة اشتراء صحيحا  جائزا ناجزا (بتر) بتا مبتولا لم يتصل به  شرط  يفسده  ولا جهل  يبطله  ولا ثنيا ولا خيار بثمن قدره  ونهايته أربعمائة مثقال دراهم فضة بسكة تاريخه قبضها المشتريان من يد البائع قبضا وافيا اعترافا وإبراء (غيرمفهوم) المشتريون من البائع فبرئ وتملك المشتري ما اشتراه تاما وأبرأت دمة  المشتري المذكور وتملك المشترون مشتراهم وحلوا فيه  محل ذي المال في ماله وذي الملك الصحيح  في ملكه على السنة في ذلك والمرجع بالدرك بعد التقليب والرضى كما يجب شهد به عليهم  بإكماله وعرفهم وبتاريخ  (بتر) في شهر الله صفر عام أربعة عشر ومائتين وألف (1214) هجرية موافق لـ يوليوز سنة 1799 ميلادية (توقيع الموثق)”

3- التعاقب فيما بين أفراد الفرع السغروشني الواحد:

بعدما تعرضنا في النقطتين 1و2 للتعاقب الذي تم على الأملاك العقارية، فيما بين الأفراد المنتمين للقبائل والفروع التي سبقت إلى المنطقة وبين الأفراد المنتسبين لأيت سغروشن، ثم فيما بين الأفراد المنتمين للفروع السغروشنية أنفسهم، نتعرض فيما يأتي للانتقال الذي كان ولت يزال يتم فيما بين المنتسبين لنفس الفرع من الفروع السغروشنية المذكورة.  ونظرا لكثرة هذا الصنف ن الانتقالات، فسوف نقتصر على بعض النماذج كأمثلة بارزة على تلك التعاقبات. وتيسيرا للبحث وتقريبا للفهم، نقسمها بحسب طبيعتها إلى ثلاثة أصناف وهي:

أ- الانتقال بالتوارث وجبر الضرر؛

ب- الانتقال بالإرادة المنفردة؛

ج- الانتقال بتوافق الإرادتين.

أ- الانتقال بالتوارث وجبر الضرر:

يقصد بهذا الصنف الانتقال الذي يتم عن طريق التوارث بين الهالكين ومن يرثونهم شرعا، وكذلك الانتقال الذي يتم بسبب دفع الديات لذوي الحقوق الذين فقدوا مقتولا عمدا أو خطأ بحسب الأحكام الشرعية المطبقة على كل نازلة. وفيما يلي نماذج نقدمها على وجه الاستشهاد على ما ذهبنا إليه:

(يتبع إن شاء الله)

بتاريخ 2& شعبان 1443 هـ الموافق لـ 24 مارس 2022 م.

عبد ربه لحسن بن محمد انرز.

ورقة تعريفية

تامسومانتتامسومانت

بسم الله الرحمن الرحيم

"Tamsomant" " تَامْسُّومَانْثْ "، أو " تامسومانت " ، بالتاء أو الثاء، حسب المناطق، مصطلح أمازيغي جد معبر. ومهما حاولنا ترجمتها إلى لغات أخرى، فلن نوفيها حقها. لأن الترجمة مهما بلغت من الدقة، فهي أقصر من أن توفي المصطلح المترجم حقه. فاللغة قبل أن تكون حروفا مميزة بأصوات معينة تتحكم فيها المخارج، فهي واجهة للأفكار وقاطرة  للتفكير الذي هو نتاج إنساني وحضاري.  ومع ذلك، وعملا بالقول المأثور" ما لا يدرك كله لا يترك جله"، فيمكن أن نقول أن تامسومانت تعني " الإلحاح في المحاولة من أجل بلوغ غاية محددة". أو بمعنى آخر، "بذل الجهد واستنفاذ كل الوسائل الممكنة من أجل بلوغ غاية معينة".

" تامسومانت " من حيث الهدف:

يعد موقع "تامسومنت Tamsomant"، كما يتبين من خلال" رمزه/Logo" الموقع باسم "انـــرز"، محاولة ومبادرة عائلية توثيقية محلية يتولى فيه لحسن بن محمد انــرز تحرير" بطاقاته ومذكراته Ses fiches et notes "، في حين يسهر على الجانب التدبيري والفني والتقني عبدالله بن لحسن انــرز.  وكما يلاحظ الزائر الكريم، فشعاره المثل الأمازيغي البليغ" مْلِيدْ إِثِنْزَارْ خْوَانْثْ ثْمِزَارْ"، أي لولا عزة النفس والغيرة لخلت المَواطن والأوطان . وقد انطلق موقع "تامسومانت" من القناعة بأن في حفظ الذاكرة المحلية إثراء للذاكرة الوطنية ومساهمة في إدخارها وتوريثها، بحول الله وتوفيق منه، للأجيال اللاحقة. إضافة إلى القناعة السابقة، هناك قناعة أخرى تتجلى في الوعي بعدم احتكار المعلومةمن الناس. فقد ولى زمن الشعار " من ملك المعلومة ملك السلطة". والسلطة هنا بمفهومها الواسع الذي من بين معانيه الريادة، مما يعني أنه يهم الأسرة، والعائلة ، والجمعية و غير ها . فالمعلومة، إذا كانت غير شخصية وتهم مجموعة من الناس فهي بمثابة ملك مشاع. فلمن يهمه الأمر الحق في الاطلاع عليها. فالوثائق الراجعة إلى جدع مشترك (جد سلالة مثلا...)، من حق من انتسلوا منه أن يطلعوا عليها وأن يأخذوا منها نسخا إذا دعت الضرورة إلى ذلك. فكما لهم الحق في إرثه المادي، لهم النصيب في "إرثه الوثائقي".

وفكرة المشروع التوثيقي المحلي هذه لم تكن وليدة اليوم، وإنما ترجع لسنوات عديدة. وقد كان الإهتمام بها متجها في البداية إلى تأليف مؤلف ورقي حول الموضوع. إلا أنه مع مرور الوقت، وأمام التراجع النسبي للإهتمام ب"التأليف الملموس"، أي على الأوراق،  مقابل تنامي "التأليف الإفتراضي" بسبب ثورة تكنولوجيات المعلومات والإتصال وما يوفره ذلك من إمكانيات هائلة وآفاق واسعة أمام التأليف والنشر والإبداع، تم غض الطرف عن المشروع الأول والإتجاه نحو إحداث "تامسومانت" كموقع إلكتروني لتنفيذ المبتغى.

ومما زاد هذه الفكرة رسوخا ودفع في اتجاه تنفيذها، توفر الخبرة، بحمد الله، في الوسط العائلي، إضافة إلى وجود نواة توثيقية، وإن بدت جنينية، من مخطوطات وصور وتسجيلات، وبعض "التقييدات" الخاصة ببعض الأحداث المخشونية.

و "تامسومانت"، كأي عمل بشري مهما بذل فيه من جهد فإنه يبقى ناقصا وأقل من المطمح. ولكن مهما يكن، فالمبتغى في المقام الأول هو إثارة الانتباه إلى هذا الجانب الذي لم ينل حظه من الاهتمام التوثيقي لا من القدامى ولا من المعاصرين. ولعل هذا العمل أن يستفز ذوي الاختصاص من أبناء المنطقة وغيرهم ليقدموا الأفضل بحول الله وتوفيقه.

وبعبارة مجملة، ف"تامسومانت" هي بمثابة إلقاء حجر في الماء الراكد حتى لا يزيد أسونا. والأمل في مثقفينا، وخاصة الشباب منهم، أن يولوا المزيد من الاهتمام لأرض أجدادهم الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجلها. فجمالية الأشجار ونضارة ثمارها ووفرتها من سلامة الجذور التي تغذيها. وتلك هي الرسالة التي يحاول "موقع تامسومانث" تمريرها. وبتعبير آخر، وبمحاولة شعرية أمازيغية، فــ"تامسومانث" هو باختصار ما يلي:

أَتَمْسُّومَانْثْ مْـــشَمْ إِرَ رَبِّ                       ذَتْنْبَّهْثْ أُنَّ هْوَنِينْ أُلِّيْتْسَالْ
يا موقع ثمسومانث إذا أراد الله سوف تنبه المتهاون الذي لا يسأل
أُرْدِيسْ إِلِّ شَوْنْزْيُومْ أُرِهَوِّيلْ                      خْمَچْكِّينْ چْمَزِيرْنْسْ أَتِسِينْ
ولايهتم بتاتا ولا ينشغل بمعرفة ماضي بلده
وْنَّوْرِسِّينْ لْجْدُودْ أُلَحْدُودْ                     وَخَّدَرْنْ إِمُّوثْ شَلَّبَسْ أُرْثْيِينْ
إن الذي لا يعرف الأجداد ولا الحدود كالميت وإن بدا حيا، فحاله ميؤوس منه
تَمْـــــــسُّومَانْثْ زِّيلْ أُنَّ تِيَانْ إِسِّرْدْ  لاَمَّ أُرِقِمْ أَتـْـــــــــــــدْفُورْ
ثمــــــسومانث خير لمن قام بها أزال عنه الملامة  وتحرر من تبعاتها

" تامسومانت " من حيث المحتوى:

كما يلاحظ الزائر الكريم، ينقسم موقع " تامسومانت Tamsomant " إلى ستة أجزاء رئيسية وهي: فضاء النباتات - فضاء الحيوانات (الحيوانات والطيور والزواحف والحشرات...) - وفضاء المعالم (المعالم الطبيعية والمعالم البشرية) - فضاء التراث الثقافي- فضاء السمعي- البصري- فضاء أخرى.

وكل جزء من الأجزاء الستة يتفرع بدوره إلى فروع، يعالج كل واحد منها جانبا من جوانب المقدرات المخشونية. وبذلك، نأمل أن لا يصاب المتصفح الكريم، بحول الله وقوته، بالملل وهو يتنقل بين محتويات هذا الموقع.

وختاما، لابد من التنصيص على أن "موقع تامسومانت Tamsomant " ينأى بنفسه عن أن ينحرف عن الغرض الذي أنشأ من أجله، ألا وهو خدمة توثيق التراث المحلي المخشوني. وبذلك، فهو لا يطمح أن يكون لا منبرا سياسيا ولا وسيلة إعلامية ولا إرشادية.

لحسن بن محمد انـــرز

ابحث في الموقع

النشرة البريدية