تامسومانت انرز

مْلِيدْ إِثِنْزَارْ خْوَانْثْ ثْمِزَارْ

أنشطة فلاحية-

أنشطة فلاحية

الخميس, أبريل 28, 2016

أنشطة فلاحية بورية

توطئة:

 على غرار أغلب المجتمعات البدوية وباقي المداشر السغروشنية والمرموشية المجاورة، اعتمد اقتصاد ساكنة مدشر أيت مخشون كليا، وإلى عهد قريب، على المنتوجات الفلاحية ([1]).

( [1] الزراعة أو الفلاحة هي عملية إنتاج الغذاء، العلف ،والألياف وسلع أخرى عن طريق التربية النظامية للنبات والحيوان. كلمة زراعة تأتي من “زَرَعَ” الحبً زرْعاً أي بَذَرهُ، وحرَثَ الأرض للزراعة أي هيئهَا لبذَر الحبً. قديماً زراعة كانت تعني “علْمُ فلاحة الأراضي” فقط ولكن كلمة زراعة الآن تغطي كما سبق الذكر كل الأنشطة الأساسية لإنتاج الغذاء والعلف والألياف، شاملة في ذلك كل التقنيات المطلوبة لتربية ومعالجة الماشية والدواجن.

المصطلح الاتيني Agricultura Agri من الكلمة الاتينية ager (أي حقل)، وcultura تعني “حراثَة” بمعنى “حراثَة التربة أو الأرض للزراعة”.

وكما سبق القول فإنَّ زراعة تعني علم الزراعة. وتاريخ الزراعة مرتبط ارتباطاً وثيقاً بتاريخ الإنسان، وكانت التطورات الزراعية عوامل شديدة الأهمية في التغير الاجتماعي وذلك يتضمن التخصص في النشاط الأنساني.

إثنان وأربعون في المائة من العاملين في العالم يشتغلون في مجال الزراعة، جاعلين الزراعة أكثر الوظائف شيوعاً بلا إستثناء! http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B2%D8%B1%D8%A7%D8%B9%D8%A9)

ويقصد بالمنتوجات الفلاحية هنا على الخصوص، تربية المواشي، وبالأخص الماعز منها، وزراعة الأرضي، سواء البورية أو المسقية. وسوف يتم التركيز في المقاطع الموالية، في المقام الأول، على عمليتي الحرث والحصاد والدرس وتوابعهم فيما يخص زراعات الحبوب في المناطق البورية، على أن نعالج لا حقا بحول الله وقوته، الزراعة في المناطق المسقية .

عملية الحرث :

يقول المثل المشهور “من جد وجد ومن زرع حصد”. فلا يتصور أن يحصد المرء شيئا لم يزرعه. فلكل شيئ إذن بداية ونهاية. فالموسم الفلاحي ينطلق بالزرع والحرث. وهاتين العمليتين أو هاذين المكونين الأساسيين المتلازمين لابد من تدبيرهما وتوفير متطلباتهما حتى يتمان على ما يرام. فلا بد لكل حرث، أريد به إنتاج محصول، من توفير الأسباب الكفيلة بتحقيق ذلك، من بذور منتقاة، وأدوات مخصوصة، أي ما يطلق عليه محليا ” إِمَاسَّنْ” (محراث خشبي وتوابعه)،

Sans titre 1

ودواب الجر، بل على الأصح دابتين تشكلان “جُّوجَ”

Sans titre 2

إما في ملكية فرد واحد أو في ملكية شخصين في حالة الشراكة بينهما بخدمات دابتيهما فيما يعرف بـــعملية “أَفْرَاضْ”.

فهذه العملية الأخيرة تمكن كل من لا يتوفر على دابتين، أن يعقد اتفاق مع من يكون في نفس وضعيته ممن يشاء، ولكن في الغالب، مع من يتجاوب معه أو مع من يملك أرضا فلاحية مساوية في مساحتها لأرضه أو متقاربة معها، على تشكيل “زَوْجَةٌ” من دابتيهما على أن يستغلانهما بالتناوب لحرث أرضيهما وفق ما هو متعارف عليه. وهناك من يشكل هذه ” الزوجة” مما قد يتوفر لذيه من الحيوانات. فقد يجمع بين البغل أو البغلة والحمار أو الحمارة، أو بين أحد الأولين أو الثانيين وثور أو بقرة وما إلى ذلك.

وحينما يتم توفير “زْرٍّيعْتْ ( البذور)

Sans titre 3

و”إيماسن” و” زوجة دواب الجر”، لابد من التفكير في من يقبض المحراث ويقود عملية الحرث، أي في ” وْغَيْطْفَنْ إِمَاسَّنْ”. فالعملية مرهقة وتتطلب خبرة لا يمكن إتقانها بسهولة. فإذا لم يتيسر ذلك لصاحب الأرض بنفسه، فقد كان فيما مضى، يستعين بخدمات “أَخَمَّاسْ” أو”أَرْبَّاعْ” ( عامل مقابل خمس المحصول في المحاصيل البورية والربع في المحاصيل المسقية). أما اليوم، وبعدما لم يعد العمل جاريا بهذا الأسلوب، فيتم اللجوء إلى أجير مياوم ليتولى الأمر مقابل قدر من الدراهم، غالبا ما لا يقل عن الحد الأدنى للأجور كما هو معروف.

إلا أن اللجوء إلى هذا الحل الأخير، وإن كان يؤدي غرضه من الناحية “البدنية”، فإن له في بعض الأحيان سلبيات تكون نتائجها على المردودية في الإنتاج غير مفرحة. فعملية الحرث تحتاج لخبرة لا تُكْتَسَب إلا بالممارسة ولفترة طويلة، سيما فيما يتعلق منها بعملية البذر. فهذه الأخيرة لا يتقنها إلا من زاولها لسنين وسنين إن لم نقل لعقود. ولتفادي ما قد ينتج عنها من سلبيات، يتم عمليا التغلب عليها بالاستعانة بخبرة ذوي المعرفة الذين لا يبخلون بذلك وبدون مقابل بطبيعة الحال.

وفي صباح اليوم المحدد للحرث، يقوم صاحب الحقل المراد حرثه مبكرا فيعلف دابته ويذهب إلى دار شريكه ليستقدم منها الدابة التي سيربطها مع دابته هو. وبطبيعة الحال يتأكد من أنها قد تناولت هي الأخرى علفها. وبعد استقدام دابة شريكه، يقوم بوزن “عْبَرْ” الزريعة ثم يضعها في “ثْشْوَرِينْ” (أداة حمل على ظهور الدواب تتكون من جزئين على شكل قفتين مربوطتين فيما بينهما)

. ويحمل المستلزمات الضرورية لعملية الحرث. ومن ذلك، ” أَعْلاَّفْ”،

Sans titre 5

و”أَزْيَاوْ” ( قفة من الحلفاء)

Sans titre 6

، و”ثِشْمَمِينْ” (كمامات الدابتين مفردها “ثَشْمَامْثْ”)

Sans titre 7

، و”ثَيْزِّينْثْ أُنْجَارْ” ( قادومة النجارة)

Sans titre 8

، و” ثِغْنَشِينِ”، مفردها “ثَغْنَاشْثْ”

Sans titre 9

(أداتين عبارة عن حزامين متلاصقين بطريقة تمكن من تمريرهما حول عنق الدابة منتهيتين نحو الأسفل بعروتين للربط بما يعرف بــ” زَّجْلُوتْ”)

Sans titre 10

وزَّجْلُوتْ، كما يظهر من الصورة، عبارة عن عارضة خشبية صلبة مصنوعة من خشب البلوط بطول حوالي متر ونصف سنتمترا وبسمك بحولي سبع سنتمترات مجهزة بـأربعة “إِبْرَاثَنْ”،جمع لكلمة “أَبْرَاثْ” (أزرار خشبية مربوطة بها بخيوط من ألياف الحلفاء أو الدوم).

Sans titre 11

وبعد ذلك، يعمد إلى حمل “إِمَاسَّنْ”( المحراث الخشبي)، إن لم يكن قد حمله من قبل إلى مكان الحرث، ثم يجر الدابتين أو يركب إحداهما ويربط مقوذ الأخرى بــ” ضْفَرْ” ( مؤخرة ) بردعة المركوبة.

وما أن يصل إلى مكان الحرث، حتى يشرع في اتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك. فيعمد إلى تركيب ” ثَجْرْسَ” (السكة)

Sans titre15

على قاعدة المحراث والتي يطلق عليها إسم ” سِّيلِي”. ويتم ذلك عادة بدق ما يعرف بــ”أَخَلْخَال نْجَّرْسَ” (خلخال السكة)

Sans titre 13

بالحجرإلى أن يستقر بإحكام في مكان لا يمكن أن ينفلت منه بفعل احتكاك المحراث بالأرض. ثم يتبع ذلك بتركيب “زَّجْلُوتْ”، وذلك بتمرير هذه الأخيرة بشكل عرضي تحت بطني الدابتين وربطها بـــ”ثِغْنَشِينْ” بواسطة الأزرار المذكورة التي يتم إدخالها بالعروات المتدلية منها. ولتحريك المحراث وجره إلى الأمام بواسطة الدابتين، وبالتالي، حدوث أخاديد وشقوق في الأرض، لابد من ربط “زجلوت” بــما يعرف بـــ”أَثْمُونْ”

Sans titre 14

عبر ما يطلق عليه كذلك “أَشْبَيُّو”.

Sans titre12

ويعد “أثمون” هذا بمثابة العمود الفقري للمحراث. وهو يرتبط بجسم المحراث (سيلي واليد) بواسطة ما يطلق عليهما “ثَجْلاَلْثْ أُثْمُونْ” (ذيل أثمون) و” ثَفْرُوتْ نْثَمْحْرَاتْ” (قطعة خشبية مسطحة بسمك حوالي سنتمترين وبعرض حوالي ثماني سنتمترات وبطول حوالي سبعين سنتمترات، مثقوبة في أعلاها من الجهة التي تلتصق بــ”أُثمون” بحيث تمكن من ربطها بهذا الأخير بواسطة “إِضَرْسَنْ” “أًلْزَازَنْ” (قطع خشبية صغيرة) و”التَّابَعْ” ( خشبة بسمك ” ثافروت” تدخل إلى جانب هذه الأخيرة بإحكام وبقوة لضمان تماسكها مع “أثمون” وعدم حلحلتها معه). أما من أسفلها مما يلي قاعدة المحراث، فتتوفر على عقدة تحول دون انفلاتها من القاعدة.

هذا، ولابد من الإشارة إلى أن “أثمون” يشكل مع قاعدة المحراث زاوية يتراوح مقدارفتحتها ما بين حوالي خمسة وأربعين وستون درجة. ومقدا ر اتساع أوضيق هذه الزاوية هو الذي يتحكم في عمق الثلم الذي يحدثه المحراث. وتلج “ثجلالث أثمون” في ثقب معد بدقة في ملتقى اليد مع سيلي المحراث. في حين تمرر “ثفروت” عبر ثقبين مخصوصين يوجد أحدهما في “سيلي نثمحرات” والآخر في “أثمون” على بعد حوالي خمسون سنتمترا من “ثجلالث أثمون”.

ويتم ربط “أثمون” بــ”زجلوت” عبر العروة المعروفة بـــ”أَشْبَيُّو”. وهو عبارة عن خشبة معقوفة مربوطة بإحكام بين طرفيها و”زجلوت” بواسطة خيوط من ألياف الحلفاء أو الدوم أو ما شابه ذلك. وأثناء الحرث، يتم تمرير منتهى (طرف) ” أَثْمُونْ”عبر عروة “أشبيو” ثم يحكم سدها بواسطة خشبة مخصوصة تسمة “جْبَّادْ” ( جرار)

Sans titre 16

يتم تمريرها عبر أحد الثقوب الموجودة في منتهى “أثمون”. وخلافا لما قد يوحي به المظهر، فــ” جباد” يلعب دورا أساسيا في عملية الحرث. فزيادة على تيسير الإغلاق والفصل بين “أثمون” وعروة “أشبيو”، فإنه ضروري كذلك لتوجيه المحراث وتسهيل حركاته أثناء الجر والمناورة والرجوع إلى المنطلق بعد الوصول إلى نهاية الخط.

ولتشتيت التراب وتفريقه وتحسين قلبه على جانبي المحراث، يزود كل محراث بــما يعرف بــ”إِمْجَّانْ نْثْمْحْرَاتْ” (أي أذني المحراث)

Sans titre 17

بواقع واحد لكل جهة يتم لصقهما بــ”سيلي” بطريقة مميزة بواسطة ثقب تمرر خلاله خشبة مخصوصة يطلق عليها إسم “إِمِيتْرْ” يربط طرفيها بإحكام بــالجهتين العريضتين العلويتين من ” إمجان” بواسطة أَلْزازْ. أما طرفي “إمجان” الضيقين فيربطان بــقاعدة المحراث مباشرة بواسطة حفرتين صغيرتين غير نافذين على جهتي هذه القاعدة. ولتفادي أي اضطراب في حركة الدابتين وخروجهما عن السير المستقيم مع خطوط الحرث، يستعان على التحكم في توجيههما وكبح جماحهما، خاصة إذا كانت إحداهما أو كلتاهما حديثة العهد بالحراثة، بواسطة حبلين يربطان بين يد المحراث و مقودي الدابتين. بما يعرف بـ ” إِجْبْدَلنْ’ مفرده أجبود.

وبعد الانتهاء من تركيب “إماسن”، يتم تقسيم الحقل إلى ما يعرف بــ” تُلاَثْ”، أي أقسام محددة ومعروفة المعالم بأثلام (أخاديد، خطوط) مشكلة بالمحراث حتى يعرف ماسك المحراث حدود الأجزاء المزروعة ( المبذورة) من التي لا زالت تنتظر دورها.

Sans titre16

وبعد ذلك، يقوم المكلف بالبذر بزرع ( بنثر) الحبوب، ثم تنطلق بعد ذلك عملية الحرث التي لا تتوقف إلا أثناء تناول الطعام، وذلك بالضغط على يد المحراث مع حث الدواب على الجر، فتدخل السكة في الأرض وتشقها شقا وتقلبها رأسا على عقب. وبذلك يغطي التراب المقلوب حوالي المحراث الحبوب المنثورة على الأرض. وهكذا دواليك ذهابا وجيئة، ثلم بعد ثلم، ويد الحراث على المحراث وعينه على الخطوط تراقبها لتجنب العوائق الكبيرة، وإزاحة الصغيرة منها، والتأكد من استقامة الخط وعدم استثناء أية مساحة من عملية الحرث، وإلا عد ذلك عيبا في الحرث يسمى “إِفُقَانْ” ( كناية عن حرث غير منتظم ولا متناسق بحيث تتناوبفيه المساحات المحروثة والغير المحروثة) .

وبطبيعة الحال، فـ”إفقان”، يعد عملا غير متقن. وهي لا تساعد على إنبات الحبوب، لأنها لا تمكن ماء المطر الضروري لنمو النباتات من الدخول إلى الأرض. كما أنها تساعد على انتشار النباتات الضارة لأنها المكان المفضل للاختباء وتجنب الإزالة.

هذا، ومن المفيد معرفة أن من أهم أسباب إنجاح عملية الحرث والرفع من مردودية الحراث و” الزوجة”، الحرص على إطعام الدابتين إطعاما كافيا بالتبن والعلف. فكما هو معلوم فتجويع الدابتين لايمكنهما أداء عملهما على الوجه المرغوب.

وقبل الانتهاء من هذه النبذة عن عملية الزرع والحرث، لابد من الإشارة إلى أن لهذه العملية، كما هو الحال لمختلف الأنشطة الأخرى، تقاليدها وعاداتها منها، على سبيل المثال، اثتين أساسيتين متحدتين في الهدف وإن اختلفتا في الشكل. ويتعلق الأمر:

– باحترام عدم الشروع في الحرث إلا بعد أن يأذن بذلك شخص امعين من قبل الجماعة لهذا الغرض والمعروف بـــ” المقدم، أو بــ” شيخ الفلاحة”. والإذن المذكور ما هو إلا عبارة عن تدشين موسم الحرث الجديد بالشروع في عملية الحرث وإقامة حفل لذلك على شكل “إطعام/صدقة” مفتوح للعامة ترفع فيها أكف الضراعة إلى الله عزوجل بمباركة الموسم الفلاحي الجديد.

وتنطلق عملية الحري في 17 أكتوبر الفلاحي الذي يصادف 30 أكتوبر من التقويم الميلادي، ويستمر إلى غاية 31 يناير من السنة الفلاحية أي إلى حدود ما يعرف بــ ” ثَمْغَرْثْ”.

– وأن يفتتح كل فلاح موسمه الفلاحي بهدية رمزية عبارة عن تكسير “رمانة” على جزء من المحراث بطريقة تسمح بتطاير حباتها حول المحراث والأكل والتصدق مما تبقى منها تقربا إلى الله ورغبة في تكثير الغلة وتحسين جودتها.

ومن تلك العادات كذلك، ما يعرف بــ”مَيْفُولْ”. وهو عبارة عن التكرم والتصدق بشيء مما يزرعه الفلاح على من مر بجواره أثناء عملية الحرث، وخاصة على الصغار من الرعاة أو غيرهم. هؤلاء الذين غالبا ما كانوا يعبرون عن رغبتهم في ذلك بترديد عبارة “أُشَاخْ مَيْفُولْ” وما يصاحب ذلك من عبارات أخرى وخاصة ” مَيْفُولْ مَيْفُولْ، أَعْمِّ مَيْفُولْ، ثُرْوَاشْ ثْفُنَاسْثْ چِّجْرْ إِنْغَاسْ صْلاَحْ أَيْنْدُوزْ” . ومعنى ذلك، يا عم اعطنا ” ميفول” ولدت لك البقرة في الحقل عجلا ومات بالتخمة من جراء وفرة المنتوج “. وربما يعبر هذا كله عما يكنه المرددون لتلك العبارات من تقدير لصاحب الحقل وما يرجون له من خير عميم وبركة.

ومن بين العبارات المشهورة والمتداولة أثناء الحرث، بعد ذكر اسم الله والصلاة على رسول الله ومصاحبة أول قبضة للتبذير بعبارات” توكلنا على الله (هذا الشيء لله ومن أصاب منه شيئا ففي سبيل الله)، تأتي عبارات “سْهَالْ” (أي سر وتقدم بطريقة يسيرة ومستقيمة)، و”فُوقْ” (أي انطلق نحو الأعلى ولا تنحدر إلى الأسفل للحرث أكبر مساحة ممكنة ويتقدم بذلك العمل)، و” عِيدْ” (أي ارجع) من أهم العبارات التي يخاطب بها الحراث دوابه.

كما لا يمكن ترك الفرصة تمر دون ذكر بعظ القواعد المنظمة للشراكات والمعاملات بين الأشخاص في المجال الفلاحي. ومن ذلك، استخدام شخص لحصد المزروعات بما يطلق عليه “سُغِيلْنِسِ”، أي بدراعه أو بعضلاته. والكلمة مشتقة من “أَغِيلْ” أي الدراع. والقدر الواجب لذلك هو نصف الخمس للمنفرد. وإذا اشتغل معه أفراد آخرين، فيستحق الخمس كاملا. أما من له دراعه و”جوجته”، ولكن ليس له أرض، فيمكن له أن ينتفع بأرض غيره مقابل النصف “أَزِينْ” من الغلال. وفي هذه الحالة، إذا استعان بخدمات خماس، فعليه أن يؤدي أجره، أي الخمس من الغلة، من نصيبه، أي من نصفه دون نصيب صاحب الأرض. ولكن البذور وعلف الدواب تقسم بينهما بالتساوي، أي النصف لكل واحد منهما. ومقدار العلف يحدد بما يعرف بـــ”لْچَّامِلَ”، تعطى لكل دابة في الصباح قبل الشروع في الحرث وهو ما يعرف بعلف الدابة.

وعلى ما يظهر، فإن أصل كلمة “لْچَّامِلَ”،لاتيني. وهي إسم لإناء مخصوص يتم اللجوء إليه في الطهي والشرب وغير ذلك في ظروف خاصة. وهي تتخذ كمقياس وآلة وزن ثانوية للحبوب. وهي تساوي ثمن “المد” الصغير. ووزنها حوالي الكيلو غرام. “لْچَّامِلَ”.

هذا، ولايجب أن ننسى أن الْحَصَاد والدِّرَاس يتم بناء على مبدأ التعاون بين الشريكين بالنصف، بمعنى أن كل واحد منهما يتحمل نصف نفقات الحصاد والدراس. وبعدما تطورت الأمور وزاد الطمع تحولت قواعد الشراكة من النصف إلى النصف مع الخمس. ولكن في هذه الحالة، فإن صاحب الأرض معفى من تكاليف الحصاد وجمع المحصول دون تكاليف الدراس، التي لابد فيها من مساهمته. ثم تطورت مرة أخرى وتوجهت إلى الشراكة بالثلث. أي صاحب الأرض يأخذ الثلث من المحصول وشريكه الذي يخدم الأرض الثلثين من “الحب و التبن”، مع المساهمة في البذوربالثلث.

وهناك شراكة من نوع آخر يتولى فيها صاحب الأرض الزرع والحرث وحينما يحضر وقت الحصاد يتفق فيها مع شخص أو أشخاص آخرين على تحمل أعباء وتكاليف الحصاد والدراس مقابل الحصول على الثلث من المحصول. وهذا النوع من الشراكات فرضته ظروف الحياة العصرية التي أدت إلى تراجع التعاون والتآزر بين الناس وفقدان اليد العاملة بسبب الهجرة وتبدل نمط المعبشة ومتطلباتها.

عملية الحصاد

بعدما ينتهي الحرث تأتي فترة انتظار نماء المزروعات التي تتفاوت بحسب الفصول والأوقات التي تم فيها الزرع. وبحسب ما إذا كانت المزروعات “بكرية (تم الابكار في زراعتها، أي مع الأيام الأولى لبداية الموسم الفلاحي الذي يصادف عادة حلول شهر أكتوبر الفلاحي من كل سنة)، أو ” مَازُوزيَّة” (أي المزروعة في أواخر موسم الحرث والزرع). وخلال تلك الفترة، لايكتفي الفلاح بالمراقبة والانتظار، وإنما قد تقتضي الظروف التدخل من أجل إزالة الأعشاب الضارة بزراعته، إما يدويا، كما كان الشأن في الماضي، أوبالمعالجة بالمواد الكيميائية، كما هو الشأن في بعض الأحيان حاليا.

وبصفة عامة، تتراوح الفترة الفاصلة بين الزرع والحصاد بين حوالي أربعة أشهروسبعة.  وبذلك يبتدأ موسم الحصاد في المنطقة مع بزوغ فجر موسم الصيف الذي ينطلق يوم 17 مايو الفلاحي وهو ما يصادف مع ما ييصادف التاسع والعشرين من شهر مايو من التقويم الميلادي من كل سنة، وحلول منزلة موت الأرض التي عرفها الأولون بقولهم إنها “سبعة أيام خضراء وسبعة أيام صفراء وسبعة أيام طلق النار واهرب” بمعنى أنه لم يعد هناك مجال للتردد في الشروع في عملية الحصاد.

التحضير للحصاد:

قبل انطلاق عملية الحصاد، تجري الاستعدادات على قدم وساق لتوفير الأجواء والإمكانيات المناسبة لجمع المحاصيل. فبالإضافة إلى تفقد أدوات الحصاد من مناجل وواقيات الثياب المسماة “ثِبَنْثِوِينْ” (جمع “ثْبَنْثَ”)

Sans titre 18

، التي تتخذ في الغالب من جلود الماعز بعد دبغها، بشحد ما يتطلب الحشد واستبدال المتهالك من تلك الأدوات، يتم التعاقد بين الرجال لتشكيل فرق للتعاون وتبادل المساعدة بالتناوب فيما يعرف بـــ “أَفُوسْ”، أي ما يمكن ترجمته بـــ ” مد يد المساعدة”. وعملية التعاقد هذه، تعرف محليا، بــ “أَمْصُدُوفْ”. ثم يتم، بناء على حالة ومستوى نضج المحصول، تحديد تاريخ انطلاق عملية الحصاد، وتعيين الشخص الذي ستفتتح به عملية أفوس. وفي الغالب يتم ذلك بالتوافق مع مراعاة جاهزية الزرع للحصاد أو بالقرعة إن اقتضى الحال. ثم يتم تحديد أدوار باقي الشركاء لاستكمال الدورة قبل أن يعود الدور من جديد إلى الذي افتتح به إن اقتضى الحال. ويستمر الأمر على هذا المنوال بالتناوب بين حقول المتعاقدين في أفوس إلى حين الانتهاء من حصد كل ما فيها.

ومن المفيد الإشارة إلى أن الفترة الزمنية المخصصة لكل دور هي، في الأعم، يوما كاملا يتكفل خلاله ن أتى عليه الدور بالطعام والشراب لمجموع الأفراد المكونين لفريق “أفوس” . في حين تتكون كل دورة من عدد الأفراد المشاركين في عملية أفوس. والجدير بالذكر كذلك، أن عملية أفوس، لا تقتصر فقط على عملية الحصاد، بل قد تمتد لتشمل باقي المراحل الموالية لتلك العملية، من نقل المحاصيل إلى البيادر، ودرسها، ودرها، وتخزينها. بل، قد تشمل عمليات أخرى من متطلبات الحياة من حرث وقطف الثمار وتجميع الحطب وتشييد المنشئات وما إلى ذلك.

علامات نضوج السنابل:

يعتبر الاصفرار أهم المظاهر الخارجية الدالة على نضوج السنابل وقابليتها للصرم والحصاد. كما يشكل شروع الطيور، وخاصة ” الزَّاوْشْ” (الدوري)، في الاقتتات من السنابل، علامة أخرى دالة على نظوج السنابل وقابليتها للصرم.

ومن المعلوم أن قصب السبق يكون لسنابل الشعير ” ثِمْزِينْ” على باقي المزروعات من فصيلة النجيليات في الاصفرار والحصاد. بينما القمح (البر) ” إِرْدَنْ” الطري (أَجْلاَلْ اُسَرْدُونْ /فرينا)، والسلت (ثَسْبْثِيثْ)، والقمح الصلب لا يتم نضوجهم إلا فيما بعد.

صور لحقول المزروعات من “لَمْدَوَّرْ وَّافَلَّ”/ المدورالفوقاني سنة 2013:

Sans titre 19

Sans titre 20

Sans titre 21

ولا أدع الفرصة تمر دون الإشارة إلى أن حبوب سنابل الشعير في مرحلة الاصفرار يتم استغلالها لتحضير سويق مميز يطلق عليه محليا ” زَنْبُو”.

و”زنبو” نوع مما يطلق عليه باللسان الدارج المغربي: السفوف. ويتم تحضيره كما يلي:

تحصد سنابل الشعير الكاملة النضج وهي لا زالت طرية، أي في مرحلة الاصفرار. ثم تفرك لفرزها عن السيقان والأوراق وشيئ من شعيراتها. ثم بعد ذلك يتم تبخيرها، أي تعريضها لبخار منسم بأريج أوراق فليو (النعناع البري)، وأوراق ثِمْرِصَادْ (بلسم الليمون/ مرسيطة). وبطبيعة الحال، التبخير يتم في الإناء المعروف بالكسكاس. ثم تعرض الحبوب المبخرة لأشعة للشمس للتجفيف. وبعد ذلك، يتم هرسها بواسطة هاون ومدق خشبيين. ثم يحمص الخليط المهروس في “ثْفَانْتْ”، أي المقلاة التقليدية المصنوعة من التراب الصلصالي. ثم بعد ذلك، يتم طحنها وغربلتها، لتكون بذلك جاهزة للاستعمال إما سفوفا، أي يتم تناولها يابسة، أو مبللة بالماء أو الحليب أو اللبن أو أي إدام نباتي، مثل زيت الزيتون، أو حيواني، كالزبد والسمن.

أما اصفرارسنابل القمح ( البر) فيسمح هو الأخر بتناول حبوبها على شكل ما يعرف بــ” إِزَلْفَنْ”. ويتم تحضير إزلفن عن طريق تعريض سنابل القمح المصفرة للنار لتلفحها وشيها لتصبح بعد الفرك، بين اليدين، قابلة للتناول مباشرة و دونما حاجة لأية معالجة إضافية. وهذه “الأكلة”، كما هو الحال بالنسبة لأكلة زنبو، لذيذة جدا.

طقوس الحصاد:

ما أن يتأكد نضوج السنابل وجاهزيتها للحصاد، حتى يعمد الفلاحون و مساعدوهم، سواء في إطار ” أفوس” أو في نطاق “تويزة”، أو فقط اعتمادا على الذوات والأسر والعائلات، ويسارعوا إلى أخذ مناجلهم “إِمْجْرَانْ” ( مفرد “أَمْجَرْ”) وأدواتهم الضرورية للحصاد وذلك من أجل القيام بعملية ” أَمْجَرْ”، أي حصد مزروعاتهم بالمنجل.

ولاشك أن الشغل الشاغل للفلاحين في مستهل موسم الحصاد هو التعجيل بحصد أكبر مساحة ممكنة من حقولهم قبل أن تيبس السنابل ويصبح حصادها بالمناجل أمرا مستحيلا. فالحصاد بالمنجل يمتاز، بالإضافة إلى السرعة النسبية في الإنجاز، بالاستغناء عن استعمال ” أَيْدِّيمْ” ( الحلفاء)

alfa

لربط ” ثَدْلْوِينْ” (جمع ثَدْلاَ”)،

Sans titre22

أي الغمرة باللسان المغربي الدارج، والْغَبْطُ (ج الْغُبُطُ) بالعربية الفصحى، أي القبضة أو الحزمة المحصودة من الزرع.

Sans titre 23

صورة موثقة لعملية الحصاد بالمنجل من مزارع إنيرز سنة 2012.

لاحظ كيف يلم الحصاد السنابل، ويضيف بعضها لبعض لتكوين ما يعرف بـــ” ثَدْلاَ”، اعتمادا على مهارة مكتسبة في الربط بواسطة سيقان السنابل أنفسها. وكلمة ثَدْلاَ مفرد. وجمعها ثَدْلْوِينْ. وهي التي تقابلها، في العربية المغربية الدارجة، الغمرة، وفي العربية الفصحى، الْغَبْطُ ج الْغُبُطُ . ومعناها القبضة المحصودة من الزرع كما يتبين من الصورة الموالية أسفله.

ولتسهيل عملية جمع المحصول بأكمله ونقله في نهاية المطاف إلى ” أَنْرَارْ”، أي البيدرالمعروف، استعدادا لعملية ” أَرْوَ”، أي الدراسة، لفصل “إِحْبُوبَنْ” (الحبوب) عن “لُومْ” أو ” أَلِيمْ” (التبن / القش)، فإن ثدلوين تجمع في أكوام تسمى إِدْغَنْ (مفردها إِدْغْ ).

Sans titre 24

و”إدغ”، كما يتضح من الصورة، هو بحجم ما يستطيع أن يحمله الإنسان بين ذراعيه لينقله إلى مكان آخر مخصص لتجميع إدغن فيما يسمى ” ثْرَشَّ” أو “ثَشْمِينْثْ”.DSC00071

Sans titre 25

وهذه الأخيرة تعني الكومة المتكونة من عـدة ” إِدْغَنْ”:

وبخصوص نقل الزرع إلى البيادر، يجدر التذكير إلى أنه فيما مضى كان ذلك من مهام النساء، حيث يعمدن إلى حمل المزروعات على ظهورهن فيما كان يعرف بــــ” ثِزْدْمِينْ” مفردهم” ثَزْدَمْثْ” بالنسبة لحمولة المرأة الكبيرة و”ثِشَرُّوعِينْ” (مفردها ثَشَرُّوعْثْ”) بالنسبة للمبتدئة منهن . وهو مصطلح يعني مجموعة من الحزم القابلة للحمل على الظهر. لكن مع مرور الزمن، تغير الأمر فأصبح كل ذلك يتم من طرف الرجال على ظهر الدواب.

DSC00077

DSC00075

وإذا ما فات وقت الحصاد بالمنجل لسبب من الأسباب، ومنها على سبيل المثال، نذرة الحصادين في الوقت المناسب، نقص في جودة المنتوج وقصر سيقان الزرع لدرجة لايمكن حصدها بالمناجل، فلا يبقى آنذاك أمام الفلاح إلا اللجوء إلى “أَحْرَادْ”، أي الحش بالأيادي.وعملية أحراد هذه، عملية متعبة جدا مقارنة مع الحصاد بالمنجل، وتقتضي على الخصوص حزم ” ثِقْبْضِينْ” (الْغُبُطُ) بــ “أَزِّيوْنْ أُيْدِّيمْ”، أي بألياف الحلفاء.

ومن المفيد معرفة أن عملية الحصاد الجماعية، سواء عن طريق “أفوس” أو “تويزة”، تتميز بطابع خاص قريب من العملية الاحتفالية بعيدا عن الملل الذي يلازم عادة كل عمل فردي. فيحضر التنافس بين الحصادين لإبراز مهاراتهم وسرعة وإتقان عملهم.

وللمساعدة على نشر جو الفرح هذا ومحاربة كل كلل وملل، يعمد الحصادون إلى ترديد مرددات وأقوال وأزجال متنوعة غالبا ما تكون عبارة عن ابتهالات وأمداح نبوية وصوفية، دون أن يمنع ذلك من التطرق لأصناف شعرية أخرى مثل الحكم والتغني بالجمال وبالحبيب المطلقين.

ومن تلك الأقوال والمرددات ما يلي:

أَرْبِّيي وْنَّشِــــــــــــچُّنِّينْ أُرِتَنَّايْ                ثِمَرِيوِينْ أَصَحْبْ رْبَحْ أَمُلاَنَا

معنى ذلك: أربي من توكل عليك لاتلحقه المصائب يا صاحب الربح يا مولانا

أَرْبِّ تَرْخَاشْ أَنْثُوبْ كُّودْ نْسُولْ                 أُرْدَنَمُّوثْ مْحِخْ دْنُوبْ خْثُدَرْثِينُو

معنى ذلك: ياربي توبة أمحي بها ذنوبي قبل الممات

أَرْبِّ تَرْخَشْ لَلاَّ مْكَّ أَدَنْخْشْ وَامَانْ               أَفَلَّ خُونْ أَجْبَلْ عَرَفَ إِلِخْسْيُون زَّادْ أَخَاثَارْ

معنى ذلك: يا ربي طلبت منك زيارة للا مكة وأن تكتب لي شربة فوق جبل عرفات أنال شرفا عظيما.

أَرْبِّ تَرْخَشْ لَلاَّ مْكَّ أَدَنْخْنْشْثَابَنْ وَامَانْ               آآسُّخْ أَدُرَاخْ يِغِرِفِ نْزَّآآلْ غِفُونْ آآبُفَضْمَ

معنى ذلك: يا ربي طلبت منك زيارة للا مكة وأن تكتب لي شربة ماء أرتشفها فيزول العطش وأصلي على أب فاطمة (صلى الله عليه وسلم)

أَلَّــلهْ أَيــــــــآآوْلَيْــِلَلَّهْ أَيَــــــــــالاَّهْ                 ثَمَرَنْوْ غُورْشْ أَرَبّْ حَلْمْ غِيفِي

معنى ذلك: الله الله لا إلاه إلا الله أيا الله، ذنوبي بين يذيك أربي حلمك علي.

أبْدْرَاثْ مُولاَيْ مُحَنْدْ أَكْنِعَاوْنْ أَلُحِيدْ     أَدَاوْنْ إِحْضَرْ إِثْمَرَانْشْ أبْدْرَاثْ مُولاَيْ مُحَنْدْ.

معنى ذلك: أّذكر مولاي محمد يعينك يا وحيد يقف إلى جانبك في محنتك، أذكر مولاي محمد.

أَسِدْنَا مُحَمَّادْ أَيَغْباآآلُوُ يَلاَّنْ وَمَنْ                   إِلِينْتَزْدَاآآيِنْ أَسِدْنَا مُحَمَّادْ

معنى ذلك: يا سيدنا محمد يا ينبوعا فيه ماء ونخيل يا سيدنا محمد

أَدَّيْثَحْمَ ثَفُويْثْ دَيْيَانْ إْشْوَّالْنْ إِيْلِّينْ         آآمْثْوَيْــــلاَلِيـييــــــنْ أَدَّيْثَحْمَ

معنى ذلك:حين تشتد حرارة الشمس يصبح الحصادون المغلوب على أمرهم مثل الأنعام المجنونة، حين تشتد

مْرِهْدِ رَبِّ بَآآبْ يِّجَرْ أَيِشَوَّلْنْ رْزَمْنَخْ     آآنِي دَظُّهْرْ آآيُووو مْرِهْدِ رَبِّ

بَآآبْ يِّجَرْ أَيِشَوَّلْنْ رْزَمْنَخْ                 ……………………………..

معنى ذلك: لو هدا الله يا حصادة صاحب الحقل لسرحنا لأنه حضرت الظهيرة، لو هدا الله.

إِحَرْشْ أُغَرْبِ يَـاوْشِيدْ غُورِيي أَيِلِّفْ     نْوَزَّانْ إِعَزْ غِييفِي إِحَرْشْ

أُغَرْبِ يَـاوْشِيدْ غُورِيي أَيِلِّفْ             ……………………………

معنى ذلك:تحركت الريح الغربية فحملت إلي أريج وزان الغالي علي، تحركت.

أَضِّقْسَنْثْ ثَجْنَاوْ آآرَبِّ غْرِييخَاشْ أَدَاخْ سَّلْشْثْ       أُوورِييتَتَّانْ وَاأَآمَانْ أَضِّقْسَنْثْ

ثَجْنَــــاوْ آآرَبِّ غْرِييخَاشْ أَدَاخْ سَّلْشْثْ       ………………………………

معنى ذلك: هزَمَ ( صوت) الرعد يارب سألتك أن تنجيني لكي لا يغرقني الماء،هزم …

أَمُلاَيْ عْلِ ثَلْخَثَنْثْ إِيييَ مُولاَيْ           عَبْدَلَّ يُضَاضَنْسْ دْهْبْ أَزِدَلَّنْثْ

معنى ذلك: أمولاي علي إن الخاتم الذي لبسه مولاي عبدالله في أصبعه مصنوع من الذهب.

أَبْرَّآدْ وَّتَايْ سَنْعْنَاعْ أَدِشَحَّرْ               أَخَدَّامْ أَدِغَرْدْ إِمَنْدِ يِبُيِجْـــــــــرْ

معنى ذلك: بَرَّادْ الشاي(إبريق الشاي بالدارجة المغربية) منعنع ومجمر، يحفز العامل على جز سيقان السنابل على المستوى الأرضي لتكثير التبن.

مْرُنچِّيدْ إِلْوَشُونْ أَدْتَلاَّنْ غِفِ             أَبُحَرّادْ أُرْشِتَتَّانْ خْسْ أُلِّنْوْأَوَا

معنى ذلك: لولا خوفي من بكاء الأطفال علي لما عالجتك يا زرعي الضعيف إلا شياهي

أَكِرْحَمْ رَبِّ يَآآبَبَا چآآشَااالْ إِيَاشْ سَيِّدْنَا       مُحَمَّادْ يِييمِي أَكِرْحَمْ رَبِّ

آآبَبَا چآآشَااالْ إِيَاشْ سَيِّدْنَا                 ………………………………

معنى ذلك:

صَلِّ عْلَى مُحَمْدْ لْفْضَلآ أَزِدَتَرْوْ         زِّيزْوَ ثَمَنْثْ مَنْتَّاتْ أَمُّبُخُّ

معنى ذلك:

صَلِّ على محمد أَثَنَّ خَديِينْ أَغْرُمْ         أُفْضِيرْ أُرِلْخِسْ أُلاَ ثَوِدْ أَمَانْ

معنى ذلك:

صَلِّ وْسَلْمْ عْلَى رَسُولْ الَّلهْ بُفًاضْمَ الَّلهْ بُفًاضْمَ * هَذَا سْمِتُ عَنْدِ فِلَلْوَاحْ محْفُوظَهْ، َلْوَاحْ محْفُوظَهْ

أَثَفُيْثْ شَمْ أچْبَرْعْنْ إِسْثَنْطْ إِدُّنِيثْ       أَلُودْ زُّورْثْ سيْدْنَا مُحَمَّادْ أَثَفُيْثْ

شَمْ أچْبَرْعْنْ إِسْثَنْــــــــطْ إِدُّنِيـثْ       ……………………………….

معنى ذلك:

وِچُّفِينْ أَكْنِيـــدْ إِزُورْ أَوَزَّانْ             أَشْرِيفْ لْحُورْ أَمُلاَيْ تُهَامِي

معنى ذلك:

أثَيْحَرْقْ أّضَاضْ أَثَلْخَاثَنْ أَسَّ يِوْضْ أُنْبْدُو رِّخَاسْ ثَصَبَّعْثْ أثَيْحَرْقْ

أّضَاضْ أَثَلْخَاثَنْ أَسَّ يِوْضْ             ……………………………..

معنى ذلك:

أَحْرَادْ أَيْحَرْدَخْ أَفَظْمَ شْطِّينْ إِمَنْدِ       يُحْلْ أُفَوسْ ثَرْزْ ثَدَوْثِنْوْ شَوْرْثَنْيِ

معنى ذلك:

أَيَآحْيُوضْ أَوْنَّ ثَغْوَا دُّنؤيثْ أَوَا           إِسُولْ وَشَالْ أَدَاشْ سُّونْ دَلْنَاشْ أَوَا

معنى ذلك:

ثَنَّاسْ عِشَ عُمَرْ طَّالْبْ إِزِيلْ أَوَا       أَلاَّسْ يَكْ إِمُحَنْوْ ثِبْلُحِينْ أَوَا

معنى ذلك:

أَللهْ إِنْعَلْكْ أَيْبْلِيسْ أَعَآآدُوْ اللهْ              شْكِينْثْ دَعْدَوْ رَّسُولْ اللهْ، الله إِنْعَلْكْ

أَيْبْلِــــــــيسْ أَعَـــــــآآدُوْ اللهْ             ……………………………………..

معنى ذلك:

أَللَّهْ إِرْحَمْكْ أَمُلاَيْدْرِيسْ أَلْوَآآآلِ         زُچٍّيسْ إِمُّوثْ أُرْجِّينْ ثْغُدِي دُّوونِيثْ

معنى ذلك:

أَمْضْلِ مْلْوِ دَيْسُومْ بْغيخْ أَفُلُّوسْ   سِمْرْغَانَنْسْ أَدِجْيْ أعْطِّبْ إِحُدُورْنْ”. سيدي محمد أبوعجب

اَوْيَخْ أَرْبِّ أَضَارْ غَرْثَنْدِيمِين اَنِدِينْثَلَّ مْرِيمْ عْلِ زِّينْبْ عُمَرْ عمي الحسن

نماذج من البذور المزروعة على صعيد المنطقة والجوار:

فيما يخص القمح، فالسلالتان المعروفتان والمشهورتان والمتداولتان محليا وفي الجوار لأجيال مضت هما:”ثَغْنَاشْثْ ثَمْلاَّلْتْ”( الصنف الأبيض)،

Sans titre 30

Sans titre 31

و”ثَغْنَاشْثْ ثَبْرَّانْثْ” (الصنف الأسود)،

Sans titre 32

Sans titre 33

وإلى جانب هاتين السلالتين، هناك سلالة ربما متفرعة عنهما نتيجة للتبدل والتغير الناتج عن العوامل الطبيعية كالتربة والطقس وغيرهما. وبذلك، فهي تعتبر أقل جودة ولا يتم إعادة زراعتها و لا الحبوب التي خالطتها إلا عند الضرورة القصوى. ويطلق على هذا النوع إسم “أَجْلاَلْ أُسَرْدُونْ”، أي ما يمكن ترجمته بـــ “ذيل البغل”.

Sans titre 34

Sans titre 35

وإلى جانب القمح، يعمد المخشونيون كذلك إلى زراعة ” ثِمْزِينْ” (الشعير)

Sans titre 36

Sans titre 37

و”ثَسْبْثِيثْ” (السلت).

Sans titre 38

Sans titre 39

عملية الدرس:

من المعلوم أن المواسم الزراعية تنتهي بتخزين محاصيلها من حبوب وأتبان. ويستوجب ذلك المرور بعدة مراحل تنطلق بنقل المحصول إلى البيدر مرورا بدرسه وذره وتصفيته وكيله وصولا إلى خزنه.

وتقتضي الاستفادة من البيدر إلى أقصى حد ممكن، خضوعه لنظام خاص نابع من التقاليد والعادات الموروثة القائمة على التكافل والتعايش والتعاون. فإعداده، وخاصة المرصوص منه بالحجارة المنتقاة، وعملية الدراسة، كل ذلك يحتاج إلى المساعدة التي لا يمكن توفيرها إلا بالتعاون والتكافل.

وكنتيجة لهذا التكافل والتعاون، اقتضت التقاليد والعادات أن يعتبر البيدر مؤسسة عمومية موضوعة رهن إشارة كل أفراد الجماعة وأن يخضع استغلالها لنظام يضمن الاستفادة لكل عضو من الجماعة، وأن تكون لها قداسة خاصة.

وتبعا للنظام المطبق على البيدر، فإن من ينقل زرعه أولا هو الأولى لطرحه في البيدر مباشرة في انتظار استكمال عملية النقل والفرصة المواتية للدرس. وإلى حين شغور البيدر، ما على من ينقل زرعه فيما بعد أن ينتظر دوره مما يستوجب عليه اختيار مكان بجانب البيدر لحفظه قدر الإمكان من الآفات وإبقائه جافا لحين درسه. وهذا يقتضي منه تجميعه وتركيمه على شكل “تَافَّ” ( كومة دائرية من الزرع المخزون بجانب البيدر ) في مكان مع الحرص على ألا يشكل عرقلة للغير أو يحول دون هبوب الرياح الضرورية لدرالمحصول المدروس لفصل الحبوب عن التبن.

ويختلف حجم ثافة باختلاف كمية الزرع المرتب فيها. وإذاك يقوم صاحب تافة بوضع مجموعة من “ثدلوين” في وسط البيدر كعربون وإعلان عن عزمه على الدرس. ثم يتبع ذلك بحجز الدواب والمساعدين والأدوات الضرورية إذا لم يكن يتوفر على ما يكفيه منها. وحينما يصل اليوم المحدد، تستقدم الدواب وتربط تباعا بجوار البيدر في انتظار اكتمال وصولها والشروع في ربطها لتشكل صفا مرصوصا. وفي انتظار ذلك، يشرع في إنزال القدر الكافي من الزرع إلى وسط البيدر من ثافة. ثم تصف الدواب وتربط بحبل متين من الصوف والشعر يقال له “أَسْغُونْ”. ويتم ذلك بإتقان وبطريقة محددة لا يتقنها إلا من له خبرة بذلك وذلك تجنبا لاختناق الدواب.

أما بخصوص دراسة الحبوب، فقد كانت و لازالت، نظرا لعدم انتشار الآت الدارسة بعد، تتم بواسطة الدواب فيما يعرف بـــ”أَرْوَ”. وتقتضي هذه العملية، أن يعمد إلى تجميع الدواب وربطها فيما بينها من الأعناق بطريقة خاصة تؤمن سلامتها من الاختناق.  وحينما يتم الانتهاء من الربط يمرر حبل فوق ظهور الدواب ثم يربط بمقودي الدابتين المربوطتين على طرفي المصفوفة بحيث يستعمل كموجه لتغييراتجاه دوران الدواب. وبذلك، يتم توزيع جهد الدرس (عدد الدورات والجري…) على جميع الدواب بنوع من التساوي.

وتنطلق عملية الدرس بسياقة الدواب وحثها على الجري بشكل دائري ضمن مدارالبيدر لمدد تتفاوت بتفاوت عدد الدواب وحجم المدروس وحالته. فكلما كان عدد الدواب أكبر والسنابل جافة جدا إلا وتكون المدة المطلوبة للدرس محدودة. والعكس بالعكس. ويتم الدوران إما حول نقطة وهمية تشكل وسط البيدر، وهذا هو المعمول به في أيت مخشون، وإما محددة بعمود يسمى ” تِجْدِيتْ”، وذلك كما هو الحال عند بعض الجيران. وفي هذه الحالة الأخيرة، يكون طرف الحبل الجامع للدواب المربوط إلى ” تجديت” طويلا  ثم يتقلص هذا الطول مع كل دورة حول تجديت إلى أن لا تتمكن الدواب من الدوران، ثم تعود للدوران في الاتجاه الآخر وهكذا دواليك إلى يتم الانتهاء من الدرس.  والدرس بواسطة تجديت يمكن من تحرير السائق في الدرس بدونها والتفرغ لعمليات أخرى كتقليب الزرع وتجميعه وما إلى ذلك.

ومع توالي الدورات تزداد وتيرة رفس وعفس وتهشيم سيقان الزرع. ويستمر الأمر على هذا المنوال  إلى أن تتحول كومة الزرع المدروسة إلى بساط أبيض عبارة عن خليط من التبن والحبوب. ويختلف الوقت المطلوب للوصول إلى ذلك، كما سبقت الإشارة إلى ذلك.

وعلى غرار عمليتي الحرث والحصاد، فإن لعملية الدرس بدورها ما يميزها من عبارات مخصوصة ومفردات مشهورة محفوظة عن ظهر قلب. ومن ذلك، بطبيعة الحال الاستعادة بالله من الشيطان الرجيم، والتبرك بذكر اسم الله، والصلاة على رسول الله. ثم مخاطبة الدواب للتودد إليها بعبارات حميمية في محاولة لتلطيف الأجواء بينها وبين سائقها وتجنب أية ردة فعل عدوانية من جانبها بمثل عبارات: “لَمَانْ أَدِّجْ أَمْوَمَانْ”(طلب الأمان وتمني حضوره بغزارة مثل غزارة الماء)، ولتوجيهها بعبارات مثل ” رَّ قَاحْ رَّ” (انطلقوا كلكم انطلقوا)،

Sans titre 42

و”شَّ طَفْ أَرْوَ” (انتبه وتماسك وساير)، “رَّوْسَّعْ”(تقدم ووسع دائرة الدرس)، و “أَرَّ فُوسْ أَخَاشْ فُوسْ أَدَاخْ إِسُّفْغْ رَبِّ إِوَجِيرْ أُفُوسْ” (اعطني يد هاك يدي. الله يقينا من شر يد خبيثة)، و”عِيدْ عِيدْ” (ارجع وحول الاتجاه لتبادل الأدوار)، وحثها على الجدية في العمل والرفع من وتيرة المردودية وبث روح الحماسة والمنافسة فيها بعبارات مثل “مَــنِشْ أَيَوْرَاسْ” (أينك يا أحمر اللون المشوب بشيء من الصفرة)، أو”مَنِشْمْ أَثَوْرَاسْثْ” (أينك يا حمراء اللون…)، أو”مَــنِشْ أَيَدْهْمِ” (أينك يا أدهم؟)…

كما تشكل عملية الدرس مناسبة تتداول فيه أذكار وابتهالات ومرددات. ومن ذلك “الله الله لَيْلَهِلَلَّهْ لْعَاطِ دْرْبِّ، وَمِيُشُ إِطْفْ وَمِكْسْنْ أُرِلِ شَيْدِوَانْ” ( الله الله لا إلاه إلا الله العاطي هو ربي، من أعطاه قبض ومن نزع منه لا حيلة له ولا دواء له)… ويتناوب الحاضرون على قيادة الدواب وحثها على الجري بالركد خلفها واحدا تلو الآخر. بينما يتحلق الباقون حول البيدر ويتوزعون على جوانبه لتقليب الزرع وكنسه لمنعه من الخروج على دائرة ركد الدواب والانفلات إلى الخارج.

ومن حين لآخر يتم إيقاف الدواب وفسح المجال أمامها لأخذ النفس وبعض اللقمات من المدروس وذلك لتمكين العاملين من تقليب البساط المتكون من الزرع المدروس رأسا على عقب بحثا عما يمكن أن ينفلت منه من دهس حوافر الدواب.

وتستمرعملية الدرس على المنوال السالف الذكر لساعات قد تتراوح بين الثلاث والثمان إلى أن يتم التأكد من بلوغ المراد وحصول المبتغى، فتختم بما يطلق عليه “تعشير الدورات”. و يقتضي ذلك تغيير وجهة دوران الدواب لتصبح على اليمين ورمي العصى التي يهش بها السائق إلى خارج البيدر، ثم الشروع في عد عشر دورات كاملة.

وعند الانتهاء من العشر دورات المذكورة، تساق الدواب خارج البساط المدروس مع التفوه بالصلاة على النبي والقول “اخرج البهايم وادخل البركة”. وبعد الخروج كلية من دائرة الدرس يتم استدارتها من جديد وتوجيه نواصيها نحوه وتركها مدة لتأخذ نفسها ولفسح المجال أمام فك ارتباطها وسياقتها نحو مكان ظليل لأخذ الراحة الكافية قبل إطلاقها من مرابضها للتمرغ وورود الماء قبل العودة إلى مكان العلف بجانب البيدر لتنال حظها من المدروس(التبن والحبوب) جزاء عملها ومكافأة على حسن صنيعها.

وتستغل فترة استراحة الدواب لتجميع المحصول المدروس وتركيمه في وسط البيدر بشكل يسهل عملية التذرية. ويقصد بالتذرية رفع الزرع بالمذاري ورميه إلى الأعلى لإبرازه للريح الغربية أو الشرقية فيتطاير التبن مع الريح وتسقط الحبوب عموديا على الكومة في انتظار رفعها من جديد. وتتكرر هذه العملية إلى أن يتم الانتهاء من الفصل بين التبن والحبوب.

Sans titre 43

وبطبيعة الحال يتم الشروع في عملية التذرية بذكر اسم الله والاستعانة به بعبارات معلومة مثل “يَافْضَالْ ببْسْمِ الله، بسم الله وبالله” و”يا هْبُوْبْ لْبَرَكَ قَوِّي وْزِدْ يَا مُعَاوِنْ لْحَجَّاجْ إِلَى مَكَّ”، و”أَرَّشِد أَلْعْوِينْ نَّيْبَرْشَنْ أَرَبِّ” (أقبل يا معين، أي الريح، مبارك يارب). وهكذا دواليك إلى أن ينفصل نهائيا التبن عن الحبوب ولا يبقى منه إلا ما استعصى على حمله على الريح، وهي سيقان الزرع الغليظة التي تسمى “أَشَرْيَاسْ”، وكذا بعض الأتربة والغبار المتكون من دق السنابل بحوافر الدواب.

ونظرا لكون هذه المخلفات لا يمكن حملها وإبرازها للريح بواسطة المذاري، فيتم اللجوء إلى استعمال صفيحة من خشب أو حديد لها يد يطلق عليها اسم “اللوح” (الجاروف /الرفش/Pelle). فبينما يتناوب الرجال الأقوياء على استخدام الرفش، يساهم العجزة والنساء والصغار في كنس ” ثِرْجْثْ” (كومة الحبوب التي زال عنها معظم التبن) ، على أن يتولى أحدهم، وهو أمهرهم وأعرفهم بفصل الحبوب عن أشرياس، تلك العملية التي كانت في الماضي من مهام الخماس. ويحتاج العمل بالرفش إلى طاقة ومهارة معينة لإبراز الحبوب إلى الريح للمساهمة في تقليص كمية الشوائب والغبار الممزوج بالحبوب وبالتالي ضمان أقصى حد ممكن من النقاء والصفاء لهذه الحبوب. أما التي لا يمكن إزالتها فقط بالريح فتتم معالجتها بالمكانس المصنوعة من ألياف بعض النباتات مثل نبتي ” ثِمَرْصَادْ” (مرسيطة/ بلسم الليمون/La Mélisse)، و” شْدِيدَ” ( الوزال/ ) (Le Genet، و”ثَزْمُّورْثْ”(نوع من القنطريون).

وتقتضي عملية تصفية الزرع بالرفش والكنس تقليب وتحويل “ثرجت” من مكان لمكان ثم إعادتها إلى مكانها الأول وذلك للتأكد من إزالة كل الشوائب. وتحتاج عملية التحويل والنقل هذه إلى وضع “لَعْلاَمْ” ( علامة دالة) في بداية عملية التقليب الأخيرة، وبالضبط في الجزء الصافي من “ثرجث”. ولما يصل التقليب إلى “لعلام” ويرفعه الرفش مع الحبوب يقبل ويقال ” الصلاة على النبي”، ثم يمرر الرفش حول كتلة الحبوب “ثرجث” المصممة على شكل مخروطي، ثم يؤخذ منها بالفرش مقدارحفنة بعدما يقبلها ماسك الفرش قائلا “باسم الله”، يقوم بدرها على الكتلة. وبعد ذلك، يقوم بتغطيتها بغرارة أو ما شابه، ويضع الفرش عليها في انتظار الشروع في “لَعْبَارْ” ( الكيل بالمكيال الخشبي أو الحديدي).

ولــ”لعبار”، أهمية بالغة إذ به تتم معرفة المحصول السنوي من الحبوب المزروعة و كذا ما يلزم ذلك من الزكاة. ولذلك فهو يحاط بنوع من “القداسة”. ومن ذلك، أنه لا يباشره، عادة، إلا من هو متدين وعلى طهارة. وقبل الشروع في “لعبار”، ينزع الكيال حذاءه ويستقبل القبلة ثم يتيمم إن لم يجد الماء، ثم يسم الله وبدعو بما تيسر من الأدعية ومنها ” يَا رَبِّ إِجْ لِبَرَكَ يَارَبِّ قَوِّ لْعْشُورْ” (يارب بارك وكثر من حصة الزكاة)، ثم ينطلق في الكيل بالمكيال المتداول وهو “أَنْصْفِ” أي نصف” الْمُدْ”، الذي يساوي ثماني “چَّمِلاَتْ” (والچاملة تعادل حوالي ست كيلوغرمات)، قائلا: “بسم الله. هَوَحْدْ الله لا شريك له”، ويستمر في عد الكيلات إلى أن يصل إلى عشرة فيقول “هَصْحَابْ نْبِي” (يقصد بها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم العشر المبشرين بالجنة). وحينما يصل إلى ست وثلاثين كيلة، يشرع في إخراج “لَعْشُورْ” ( وهي الزكاة المفروضة على الحبوب)، وعددها أربع كيلات يضعها في وعاء مخصوص للزكاة وبكيلات الزكاة، يكتمل نصاب ما يعبر عنه بـــ”تَغْرَارْتْ” ( أي الغرارة)، أي أربعين كيلة، والتي تساوي حوالي قنطارين، أي مائتي كيلو غرام، مع اختلاف بسيط بين القمح والشعير. فمن المعلوم أن القمح أثقل من الشعير. وبناء على ذلك، فإن ثماني عشرة كيلات من القمح تعادل وزن عشرين كيلة من الشعير.

والجدير بالذكر، أن تقييم المحصول، وبالتالي أتعاب الفلاح، كان يتم في الماضي فقط بعدد الأمداد والغرارات. كما كان إخراج الزكاة ولا يزال مطبقا على جميع المحصول، سواء بلغ النصاب الشرعي، وهو الخمسة أوسق (أي حوالي خمسمائة إلى ستمائة كيلو غرام)، أم لا.فالراسخ عند أهل البلد أن الزكاة بركة وأن إخراجها يزيد ولاينقص من المحصول شيئا تطبيقا عمليا لقول عز من قائل:” يمحق الله الربا ويربي الصدقات”. ولهذا، فمن الأدعية المتداولة والتي يحرص كل وارد على مكان الدرس على قولها وترديدها، بعد التحية والدعاء بالبركة، الدعاء بتكثير الزكاة. ولذلك، لايقبل أي وارد على البيدر أثناء الدرس إلا وفمه يلهج بــ” السلام عليكم” أو ” الله إعاون” (أي الله يكون في عونكم) و”رَبِّ أَدِجْ لْبَركَ هَيقَوِّلَعْشُورْ”ْ. إذ بتكثير الزكاة يكثر المحصول.

بعض الآفات التي تضر بالمزروعات ومن خلالها بالفلاحين والساكنة بصفة عامة

 

الأمراض:

إضافات إلى الأضرار الناتجة عن الأعشاب الطفيلية  التي تنافس المزروعات للاستفادة من المواد العضوية الضرورية لنموها وتحسين المردودية، تصاب المزروعات بعدة أمراض ناتجة إما عن فطريات وبصفة عامة عن أمراض أوسوء التغذية وغير ذلك. ومن الأمراض المشهورة والمعلومة في المنطقة المرض المعروف بـــ” ثَزُولْتْ” أي التفحم بمختلف تجلياته. كما  تعد حشرات المن  من أخطر الأمراض التي تصيب على الخصوص القطنيات وبالأخص الفول.

الكوارث الطبيعية:

من أبرز الكوارث التي كانت ولا تزال تشكل تحديا كبيرا بالنسبة للمزروعات قلة أو كثرة التساقطات المطرية. فكلا من الجفاف والأمطار الكثيرة وخاصة الرعدية ولالا سيما إذا كانت على شكل البرد تقضي على المزروعات وتلحق بها أضرارا فادحة. كما  تعد الرياح وخاصة الشرقية أي ما يعرف ب” أشرقي”أحد الهموم التي تشتكي منها الفلاحة بالمنطقة.

أضرار بعض الحشرات والحيوانات:

على رأس قائمة الحشرات الفتاكة بالمزروعات حشرة  الجراد التي يطلق عليها ” ثْمُرْغِ”. وعلى الرغم من المجهودات التي بذلتها الدولة للقضاء على هذه الآفة، بحيث لم تعد تشكل تهديدا يذكر كما كان الأمر في الماضي، بل قد مر وقت غير يسير دون ظهور جحافلها التي تزرع الرعب في قلوب الفلاحين ومن خلفهم المجتمع برمته. ومع ذلك فإن ذكرياتها المؤلمة لا زالت تثير المخاوف ويتذكرها الجميع بنوع من التوجس والترقب.

إضافة إلى الجراد،  تشكل بعض الطيور تحديا جديا لبعض المزروعات.  ومن تلك الطيور وأشهرها، الدوري ” زاوش”، والعقعق ،” عاقيق” و ” اليمام” ” تمالا” وحمام الأشجار “أزضوض” .

لكن التحدي الأكبر والأخطر هو ذاك الذي يمثله اليوم حيوان الجنزير البري والذي يطلق عليه “أَحْلُّوفْ”. وعلى الرغم من كونه غير غريب عن المنطقة مثل جميع مناطق المغرب التي تتواجد فيها الأشجار الغابوية وبعض المستنقعات، إلا أن خطره وضرره كان محدودا جدا. وكان لا يظهر إلا مع سنوات الوفرة في المزروعات لدرجة كان يطلق عليه إسم ” بُلْخِيرْ” أي الذي يأتي وقت الخير أو معه الخير. أما اليوم، فالعكس هو الذي يستحق أن ينعث به. وقد كان ” بلخير” لا يقتات إلا على الحشرات وبعض النباتات والذرة. أما القمح والشعير فلا يستسيغهما. أما الخنزير الحالي فيقتات على كل شيء بما في ذلك القمح والشعير والبرسيم والبطاطس والأشجار المثمرة وخاصة اللوز والتفاح والبرقوق وهلم جرا. إنه أصبح كارثة بكل ما تحمل الكلمة من معنى لدرجة أن الفلاحة أصبحت في خبر كان بعدما تضافرت جهود هذا المخلوق وجهود الجفاف للنيل منها. ففي الماضي كان ” بلخير” لا يقترب من المساكن أما اليوم فإنه يخترق ويعيث فسادا في كل المجالات ولا يراعي لاحرمة الحظائر ولا المنازل بل تعدى أذاه الأحياء وامتد إلى الأموات حيث أصبح ينبش القبورويدمر اللحود بحثا عن الحشرات وبعص الجذور والنباتات التي تتخذ من المقابر موطنا. كما كان شديد الحذر والحيطة ولا يقترب من أي مكان يشم فيه رائحة بني آدم. كان بالفعل وحشي بامتياز وناذرا ما يتحرك في جماعات. أما اليوم فقد أصبحت له جحافل ويتنقل في مجموعات قد يصل أفرادها  من جميع الأعمار العشرين والثلاثين فردا بحسب بعض الإفادات. كما لوحظ أنه يختلف في شكله وهيئته وتصرفاته عن ” بلخير” الذي ألفته المنطقة وألفها. وعلى ما يظهر وبحسب بعض الأقوال فهو مستورد من مناطق ومحميات يتم تكثيره فيها بذريعة توفير وحيش الصيد وحماية التنوع البيولوجي. ويقال أن تكثير نسل هذا المخلوق الذي حرم الله أكله في شريعتنا الإسلامية، يتم عن طريق التهجين أي بالتزاوج بين صنفيه البري والمربي في الحظائر للاتجار في لحومه في البلاد التي لا تدين بدين الإسلام . وكنتيجة لذلك، فقد نشأت أجيال من هذا الكائن الحي بمواصفات وسلوكات غير معهودة من ذي قبل. فأصبح يقتات تقريبا على كل شيئ ولا يخاف إلا نادرا.

وبحسب ما يروج في المنطقة، فقد صادف سائق عربة ليلا في طريقه بين سكورة والمرس مجموعات من الخنازير أثارت استغرابه بكثرتها وتيهانها. إلا أنه سرعان ما اكتشف مصدر تلك الحيوانات شاحنة من حجم كبيرلا زالت لم تبتعد كثيرا عن مكان إفراغ شحنتها من الخنازير. وقد قيل أن عملية الاستقدام والتفريغ تلك قد تكررت وفي أماكن أخرى منها على الخصوص غابة “بوخاموج”، التي يخترقها طريق غير معبد من المرس نحو “دوار أيت مخشون” و”تاسرة” في “تاغزوت أيت مولاي سعيد”، والمجال الغابوي المحيط بــ”أيت ألمان”.

وإذا ما تأكدت الروايات التي تتحدث عن استقدام تلك الحيوانات وتوطينها في المنطقة، فسنكون بحق أمام عمل لا يستحق منا أي تشجيع أو إشادة، وذلك على الرغم من كوننا من الواعين بأهمية البيئة وضرورة المحافظة عليها بكل مكوناتها وخاصة فيما يتعلق منها بمجال التنوع البيولوجي. بل لا نجانب الصواب إن قلنا أننا من المتفهمين لقضايا البيئة ومشاكلها وبالتالي من داعميها ومؤيديها. وهذا الدعم والتأييد  لا يعني أننا  مستعدون للتضحية بأقوات الساكنة وممتلكاتهم من أجل هذا ” الجنزير” المستورد. فهل يعقل أن تهجر الساكنة وينتزع مجالها الحيوي الذي تعيش فيه لتوطين مخلوق غريب عن المنطقة بذريعة حماية البيئة ومكوناتها؟. فما فائدة البيئة إذا لم تكن لفائدة الانسان حاضرا ومستقبلا؟ فإذا كان الكل ينادي اليوم بالتنمية المستدامة والبيئة المستدامة، فلمن يا ترى تطلب هذه الاستدامة ؟ أليس لصالح الانسان بأجياله الحاضرة والمستقبلية؟ فعن أية استدامة نتحدث ولمن يا ترى نعدها إذا تم تهجير الساكنة مكرهة بسبب هذا المخلوق أو، لاقدر الله، حلت بهم المجاعة؟

وفي هذا الصدد، فبعد الخسائر التي تكبدتها الساكنة في دوار أيت مخشون سنة 1917جراء الجفاف و” الخنزير” على الخصوص، فإن الغالبية من السكان قد قررت مقاطعة الحرث والزرع إلى حين إيجاد حل لهذه المعضلة. ونتيجة لذلك، فقد تقهقرت المساحات المحروثة عادة بالمزروعات الخريفية من هكتارات إلى بعض القطع في ملكية عدد من الأفراد الذين يعدون على رؤوس الأصابع أو أقل. وليت الأمر توقف عند حد العبث وإتلاف المزروعات في الحقول المفتوحة وإنما تطاول حتى على القطع الأرضية المسيجة وبلغ أذاه الأشجار المغروسة وإلحاق الضرر بتجهيزات السقي الموضعي وخاصة أنابيب التنقيط. بل الأدهى والأمر أن  أذاه  قد لحق كذلك الحقول المغروسة في إطار مشاريع ” المغرب الأخضر”. فأصبح ما نفقت عليه الأموال الطائلة لتستفيد منه الساكنة  تحت رحمة الخنزير  ليصدق على ذلك المثل المغربي الدارج والبليغ ” لِّحَرْثْ جمل دك”. فهل بعد هذا من عبث؟

قد يقال إن في الأمر مبالغة  وأن الجهة  الراعية للخنزير تتحكم في أعداده عن طريق تنظيم حملات اصطياد وإعدام. لكن لمن يثق في تلك الحملات فليسأل المشاركين فيه سواء في الإحاشة أو في القنص عن نتائج تلك العمليات. في أفضل الأحوال بعض الأفراد القليلة جدا والمنتقاة والتي يتم استبدالها في أقرب فرصة ممكنة. فالتعليمات التي تعطى للقناصين المشاركين في العمليات المذكورة  لا تترك لهم أي خيار سوى الاستفادة من الخرجات المنظمة لهم التي لا تختلف كثيرا عن سفريات التنزه والاستجمام والرياضة. فالإناث وخاصة الحوامل والصغار محرم قتلهم. والزناد لا يجب أن يضغط عليه إلا إذا ظهر الخنزير الذكر المنفرد.

وهكذا تزداد أعداد هذا المخلوق الذي وجد الجو والمجال مناسبا فارغا من كل أعدائه والذين كان آخرهم إبن آوى  بعد انقراض  الأسود والفهود والضباع من المنطقة منذ أمد بعيد. ومما ساهم في زيادة أعداد الخنزير وتكاثره وبالتالي اشتداد أذاه للناس تغير المناخ وارتفاع الحرارة بسبب الجفاف  وما ينتج عنه من قلة أو انعدام ما يقتات عليه في المجال الغابوي مثل ثمار شجرة البلوط وبعض النباتات الأخرى والحشرات وغيرها.

وخلاصة القول، إن ضرر الخنزير مستفحل ومؤكد.  وتشجيع تكاثره وحمايته أمر مستغرب ربما قد ينم عن نية مبيتة ما، خاصة والمنطقة في صراع مع الإدارة حول نظام الأراضي التي تمتلكها الساكنة أبا عن جد. ففي الوقت الذي تتمسك فيه الساكنة بحقها الطبيعي في امتلاك الأراضي المورثة لها وتعتبرها أراضي خواص تعمل الإدارة جاهدة على نزع هذه الصفة عنها وإلباسها لباس أراضي الجموع لغرض في نفس يعقوب.

ولكي لا يقال بأن كلامنا تنقصه الحجج والبراهين، فللقارئ والمشاهد الكريمين الحكم على ذلك بعد مشاهدة الصور والشرائط الآتية التي نقدمها على سبيل المثال لا الحصر، مساهمة في تنوير الرأي العام بهذا المشكل وتوثيقا يمكن الاستئناس به عند الضرورة.

       

  

                     

وهذا رابط الأشرطة المذكورة أعلاه. وقد  ارتأيت أن أجمعها في شريط واحد  تسهيلا للمشاهدة

 

ورقة تعريفية

تامسومانتتامسومانت

بسم الله الرحمن الرحيم

"Tamsomant" " تَامْسُّومَانْثْ "، أو " تامسومانت " ، بالتاء أو الثاء، حسب المناطق، مصطلح أمازيغي جد معبر. ومهما حاولنا ترجمتها إلى لغات أخرى، فلن نوفيها حقها. لأن الترجمة مهما بلغت من الدقة، فهي أقصر من أن توفي المصطلح المترجم حقه. فاللغة قبل أن تكون حروفا مميزة بأصوات معينة تتحكم فيها المخارج، فهي واجهة للأفكار وقاطرة  للتفكير الذي هو نتاج إنساني وحضاري.  ومع ذلك، وعملا بالقول المأثور" ما لا يدرك كله لا يترك جله"، فيمكن أن نقول أن تامسومانت تعني " الإلحاح في المحاولة من أجل بلوغ غاية محددة". أو بمعنى آخر، "بذل الجهد واستنفاذ كل الوسائل الممكنة من أجل بلوغ غاية معينة".

" تامسومانت " من حيث الهدف:

يعد موقع "تامسومنت Tamsomant"، كما يتبين من خلال" رمزه/Logo" الموقع باسم "انـــرز"، محاولة ومبادرة عائلية توثيقية محلية يتولى فيه لحسن بن محمد انــرز تحرير" بطاقاته ومذكراته Ses fiches et notes "، في حين يسهر على الجانب التدبيري والفني والتقني عبدالله بن لحسن انــرز.  وكما يلاحظ الزائر الكريم، فشعاره المثل الأمازيغي البليغ" مْلِيدْ إِثِنْزَارْ خْوَانْثْ ثْمِزَارْ"، أي لولا عزة النفس والغيرة لخلت المَواطن والأوطان . وقد انطلق موقع "تامسومانت" من القناعة بأن في حفظ الذاكرة المحلية إثراء للذاكرة الوطنية ومساهمة في إدخارها وتوريثها، بحول الله وتوفيق منه، للأجيال اللاحقة. إضافة إلى القناعة السابقة، هناك قناعة أخرى تتجلى في الوعي بعدم احتكار المعلومةمن الناس. فقد ولى زمن الشعار " من ملك المعلومة ملك السلطة". والسلطة هنا بمفهومها الواسع الذي من بين معانيه الريادة، مما يعني أنه يهم الأسرة، والعائلة ، والجمعية و غير ها . فالمعلومة، إذا كانت غير شخصية وتهم مجموعة من الناس فهي بمثابة ملك مشاع. فلمن يهمه الأمر الحق في الاطلاع عليها. فالوثائق الراجعة إلى جدع مشترك (جد سلالة مثلا...)، من حق من انتسلوا منه أن يطلعوا عليها وأن يأخذوا منها نسخا إذا دعت الضرورة إلى ذلك. فكما لهم الحق في إرثه المادي، لهم النصيب في "إرثه الوثائقي".

وفكرة المشروع التوثيقي المحلي هذه لم تكن وليدة اليوم، وإنما ترجع لسنوات عديدة. وقد كان الإهتمام بها متجها في البداية إلى تأليف مؤلف ورقي حول الموضوع. إلا أنه مع مرور الوقت، وأمام التراجع النسبي للإهتمام ب"التأليف الملموس"، أي على الأوراق،  مقابل تنامي "التأليف الإفتراضي" بسبب ثورة تكنولوجيات المعلومات والإتصال وما يوفره ذلك من إمكانيات هائلة وآفاق واسعة أمام التأليف والنشر والإبداع، تم غض الطرف عن المشروع الأول والإتجاه نحو إحداث "تامسومانت" كموقع إلكتروني لتنفيذ المبتغى.

ومما زاد هذه الفكرة رسوخا ودفع في اتجاه تنفيذها، توفر الخبرة، بحمد الله، في الوسط العائلي، إضافة إلى وجود نواة توثيقية، وإن بدت جنينية، من مخطوطات وصور وتسجيلات، وبعض "التقييدات" الخاصة ببعض الأحداث المخشونية.

و "تامسومانت"، كأي عمل بشري مهما بذل فيه من جهد فإنه يبقى ناقصا وأقل من المطمح. ولكن مهما يكن، فالمبتغى في المقام الأول هو إثارة الانتباه إلى هذا الجانب الذي لم ينل حظه من الاهتمام التوثيقي لا من القدامى ولا من المعاصرين. ولعل هذا العمل أن يستفز ذوي الاختصاص من أبناء المنطقة وغيرهم ليقدموا الأفضل بحول الله وتوفيقه.

وبعبارة مجملة، ف"تامسومانت" هي بمثابة إلقاء حجر في الماء الراكد حتى لا يزيد أسونا. والأمل في مثقفينا، وخاصة الشباب منهم، أن يولوا المزيد من الاهتمام لأرض أجدادهم الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجلها. فجمالية الأشجار ونضارة ثمارها ووفرتها من سلامة الجذور التي تغذيها. وتلك هي الرسالة التي يحاول "موقع تامسومانث" تمريرها. وبتعبير آخر، وبمحاولة شعرية أمازيغية، فــ"تامسومانث" هو باختصار ما يلي:

أَتَمْسُّومَانْثْ مْـــشَمْ إِرَ رَبِّ                       ذَتْنْبَّهْثْ أُنَّ هْوَنِينْ أُلِّيْتْسَالْ
يا موقع ثمسومانث إذا أراد الله سوف تنبه المتهاون الذي لا يسأل
أُرْدِيسْ إِلِّ شَوْنْزْيُومْ أُرِهَوِّيلْ                      خْمَچْكِّينْ چْمَزِيرْنْسْ أَتِسِينْ
ولايهتم بتاتا ولا ينشغل بمعرفة ماضي بلده
وْنَّوْرِسِّينْ لْجْدُودْ أُلَحْدُودْ                     وَخَّدَرْنْ إِمُّوثْ شَلَّبَسْ أُرْثْيِينْ
إن الذي لا يعرف الأجداد ولا الحدود كالميت وإن بدا حيا، فحاله ميؤوس منه
تَمْـــــــسُّومَانْثْ زِّيلْ أُنَّ تِيَانْ إِسِّرْدْ  لاَمَّ أُرِقِمْ أَتـْـــــــــــــدْفُورْ
ثمــــــسومانث خير لمن قام بها أزال عنه الملامة  وتحرر من تبعاتها

" تامسومانت " من حيث المحتوى:

كما يلاحظ الزائر الكريم، ينقسم موقع " تامسومانت Tamsomant " إلى ستة أجزاء رئيسية وهي: فضاء النباتات - فضاء الحيوانات (الحيوانات والطيور والزواحف والحشرات...) - وفضاء المعالم (المعالم الطبيعية والمعالم البشرية) - فضاء التراث الثقافي- فضاء السمعي- البصري- فضاء أخرى.

وكل جزء من الأجزاء الستة يتفرع بدوره إلى فروع، يعالج كل واحد منها جانبا من جوانب المقدرات المخشونية. وبذلك، نأمل أن لا يصاب المتصفح الكريم، بحول الله وقوته، بالملل وهو يتنقل بين محتويات هذا الموقع.

وختاما، لابد من التنصيص على أن "موقع تامسومانت Tamsomant " ينأى بنفسه عن أن ينحرف عن الغرض الذي أنشأ من أجله، ألا وهو خدمة توثيق التراث المحلي المخشوني. وبذلك، فهو لا يطمح أن يكون لا منبرا سياسيا ولا وسيلة إعلامية ولا إرشادية.

لحسن بن محمد انـــرز

ابحث في الموقع

النشرة البريدية